الانقياد لتفسيرات الخصوم

ووطدت أميركا علاقاتها مع بعض الأوساط العلمانية لدعمها لتكون منافسا للإسلاميين في المشهد السياسي.

ولكن نظام مبارك بنزعته الاستبدادية ورغبته في التوريث مارس لاحقا ضغوطا متزايدة لتقليل مساحة الحريات فضلا عن أداءه الاقتصادي المترهل، ونزعة التوحش عند رجال الأعمال من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني بالتوازي مع سياسة أوباما التي تبنت تخفيف الضغوط عن الأنظمة الحليفة والتخلي عن نشر الديموقراطية وفق المقاسات الأميركية… فحدث انفجار شعبي ضد مبارك ونظامه في ثورة يناير.

فالزعم بأن ثورات الربيع عبارة عن ثورات أميركية مدبرة مجرد محض هراء… يدحضه الواقع الذي عايشه كل من شارك في فعاليات الثورة وشاهد محاولات النظام ومؤسساته لقمعها، وتدحضه مذكرات الساسة الأميركان التي سجلوا فيها اندهاشهم لاندلاع الثورات، حتى أن أوباما وبخ طاقم المخابرات الأمريكية المعني بشوون الشرق الأوسط لفشلهم في التنبؤ بثورات الربيع العربي وفق ما ذكره زولتان باراني في كتابه (كيف تستجيب الجيوش للثورات)، كما عبر الساسة الأميركان في مذكراتهم عن دهشتهم من إندلاع الثورات بهذا الزخم غير المتوقع، ويمكن مراجعة ذلك في مذكرات روبرت جيتس وهيلاري كلينتون وزيري الدفاع والخارجية أثناء ثورات الربيع، ومذكرات مايكل موريل مسؤول المخابرات الأمريكية المختص بالمنطقة.

فما أسوأ أنماط التفكير المؤامراتي التي تنتجها كتب من عينة ” أحجار على رقعة الشطرنج” و ” حكومة العالم الخفية”، فضلا عن الخزعبلات التي يروجها بعض ضيوف الفضائيات.

الشاهد أن الإنسان العاقل لا يسلم نفسه لخصومه ليفسروا له الأحداث التي شارك فيها بنفسه ورأى تفاصيلها.