و في ذكرى الثورة على الهوية الإسلامية تعقيبا على مقال ” استرداد الهوية المصرية في ثورة 30 يونيو ” للسيد يسين افتتح السيد يسين مقاله المنشور بجريدة الأهرام بتاريخ 7 / 7 / 2016 بكلمة وردت في خطاب السيسي اعتبرها الكلمة المحورية ذات الدلالة في هذا الخطاب و هي قوله : ” نحتفل اليوم بالذكرى الثالثة لثورة الثلاثين من يونيو المجيدة تلك الثورة التي استعاد بها الشعب المصري هويته و صوب بها مساره ”
و عقب ياسين بقوله : ” إن عبارة استرداد هوية الشعب هي جوهر ثورة الثلاثين من يونيو ” !! و لتوضيح معنى استرداد الهوية شرح يسين كيف سرقت الإخوان الهوية من خلال عرضه للرؤية الاستيراتيجية للمشروع الإخواني و التي قال أنها : ” تتمثل أساسا في رفض الحداثة الغربية بكل أركانها و تأسيس نظرية إسلامية بديلة تحل محلها و ذلك في مجالات السياسة و الاقتصاد و المعرفة و الهوية ” .
ثم فصل القول فذكر مقومات الحداثة الغربية و بدائلها الإسلامية فالشورى بديل للديموقراطية المعبرة عن الحداثة السياسية و المؤسسة على الفردية . و أسلمة المعرفة بديل للحداثة الفكرية و جوهرها و أن العقل و ليس النص الديني هو محك الحكم على الأشياء . و الاقتصاد الإسلامي بديل للاقتصاد الرأسمالي القائم على الربا .
ثم عقب قائلا : ” غير أنه يمكن القول إن أخطر مفردات المشروع الإخواني هو محو الهوية الوطنية للشعوب و رفض فكرة الوطن و الارتباط بفكرة الأممية الإسلامية ” .
و من ثم فهذا المقال يكشف لنا عن عن الحقائق التالية :
أولا : تبني الإعلام الرسمي للخطاب العلماني بقوة ، و إفساح المجال لدعاة التغريب و تقديمهم كرموز فكرية ، فالسيد ياسين كاتب المقال وصفته جريدة الأهرام في حوار مطول معه في ملحق الجمعة 8 / 7 / 2016 بالمفكر الكبير و استطلعت آراءه في الشأن العام المصري . و هكذا تتم صناعة الرموز العلمانية .
ثانيا : الخطاب العلماني و هو الخطاب الرسمي الآن . يعتمد آلية ثابتة في خداع الجماهير و هي الطعن في ثوابت الإسلام تحت ستار مناهضة المشروع الإخواني تارة ، و نقد الخطاب الديني تارة أخرى . فإيجاد نظرية إسلامية بديلة للحداثة الغربية التي جلبت الدمار للعالم هو واجب مفكري الإسلام عامة و لا تخص الإخوان أو أي جماعة أخرى ، فضلا أن يكون السعي لمناهضة الحداثة الغربية كمذهب وضعي قابل للنقد على أسس و منطلقات إسلامية جريمة أو تهمة تستوجب الثورة على أصحابها . و هل الشورى إخوانية أم شريعة إلهية ؟! و هل الربا محرم إخوانيا أم إسلاميا ؟!
ثالثا : تتهافت دعاوى نقد الخطاب الديني و رفض الإخوان لا الإسلام أمام التصريح بنقد النص الديني و عدم جعله حاكما في محاولة لاستنساخ التجربة العلمانية الغربية في الانتقال من نقد السلطة الدينية الكهنوتية إلى نقد النص الديني ذاته ، و هو ما عبر عنه بقوله : ” أن العقل و ليس النص الديني هو محك الحكم على الأشياء ” ، و نقده للتعليم الأزهري في حواره في ملحق الأهرام 8 / 7 / 2016 بقوله : ” و لم يعد هناك تعليم حقيقي ، و يزيد على ذلك ازدواجية التعليم المدني و التعليم الديني فأن يدخل طفل من الكتاب حتى حصوله على الليسانس في نظام التعليم الديني أمر يمثل مشكلة كبيرة ، لأنه نظام يقوم في الأساس على النقل و ليس العقل ” .
رابعا : التداخل بين الدنيوي و الديني ، أو بين السياسي و الأيديولوجي صار حقيقة لا يمكن إنكارها ، فالثورة باعتبارها فعل سياسي من الدرجة الأولى مؤسس على موقف عقدي أيديولوجي متمثل في الصراع على الهوية ، فهناك من يريد مصر علمانية و هناك من يريد مصر إسلامية ، إنها باختصار معركة الهوية !! و ختاما ، لم يكن استبدال انتماء مصر في الدستور للأمة الإسلامية بالعالم الإسلامي تغييرا عبثيا ، إن مفهوم الأمة الإسلامية الذي أسسه القرآن و السنة يراد له أن يغيب عن المسلمين كما غابت الوحدة السياسية الجامعة للأمة المتمثلة في مفهوم الخلافة ، و بدلا من أن تستنهض الأمة لمقاومة عدوان الغرب عليها في دينها و ووحدتها ، تشغل في حروب و صراعات داخلية لصالح الغرب . و لكن بالوعي و الإيمان يبطل كيد الشيطان .
( و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
التعليقات