أوحشتني يا حبيبتي فأعود إليك .. نعم أحببتك يا صغيرتي وذكرتني دموعك بدموع آلاف البنات والأطفال غيرك من فلسطين وكأن الناس أدمنوا رؤيتها كل يوم مائة مرة حتى لكأنهم صاروا يتسلون بالفرجة عليها وحاولت أن أتذكر كم عام مر على هؤلاء الأطفال وهم يبكون؟!
وهالني ما تذكرت .. لم يأمن طفل في فلسطين منذ مائة عام أو يزيدون الأطفال يبكون جيلاً بعد جيل يتلهون عن الفرح بالبكاء كما يتلهى أطفالنا عن البكاء باللعب .
وبالمناسبة لم أر لعبة في يد طفل من هؤلاء البكائين يوماً وتساءلت في عجب كيف لم تجر الأنهار في فلسطين من الدموع و البكاء .. وكأن الأرض المباركة لم ترتو من دمعهم بعد وكيف تجري دماء آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأقاربهم كلها منذ مائة عام ولا تجف وكأن الأرض المقدسة تلفظ الدم وتبتلع ماء العيون نعم مائة عام أو يزيدون لم تشبع بطونهم الجائعة ونحن نموت من التخمة أولادهم يولدون للفناء وكأنه دين في عنق أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يؤجل ولا نظرة فيه ولا ميسرة وكأن سداده في أعناقهم هم .. وهم فقط وكأنه لا يسد بغيراللحم والدم نعم أبكاني دمع عينيك يا صغيرتي وأرق بالسهاد جفوني ليتني كنت عندك فأضحك ثغرك الصغير ولو بمالي كله ليتني كنت عندك فأمسح دمعك الغزير ولو باثوابي كلها ليتني كنت عندك فأعطيك الأمان يا حبيبتي ولو بعمري كله وبلحمي كله وبدمي كله وهو ثمن بخس زهيد في مقابل لحظة واحدة تفرحين فيها أو تأمنين.
فيها رأيت اليوم امرأة فلسطينية تبكي كالعادة ، وهي تحمل ولدها المصاب والدماء تغطيه و تلصقه ببطنها ، ثم تكاد أن تدفعه لهم ليداووه فلا تطيق من شدة الرحمة فتشده إلى صدرها مرة أخرى مراراً وتكراراً حتى كاد ينفلق لها والله كبدي أحرقت والله أبناء فلسطين كبدي وأفزعت دمائهم وأشلائهم نومي وغص لدموعهم مطعمي ومشربي وفي قلبي غصة وحزن لا يزول حتى أنتقم ممن خانهم وحرمهم قبل أن أقتل وأقاتل من قتلهم وشردهم وأذلهم
فاللهم العن أمة أحرقت قلوبهم وقتلت فلذات أكبادهم واللهم العن أمة كشفت حريمهم وروعت عيالهم وأذلت رجالهم واللهم العن من خانهم وحاصرهم وحرمهم وباع أرضهم ومقدساتهم واللهم العن من خانهم وحالف أمة الذلة والمسكنة والمغضوب عليهم وعبد الطاغوت واتخذهم خلة له من دونهم واجعل ذله من ذلهم ومسكنته مسكنتهم واحشره محشرهم وأنت يا صغيرتي أعاهدك أنني لن أنساك وإن لم أواسك بدمي ومالي ونفسي وعمري لأواسينك بولدي وولد ولدي فلا خير في لو لم أضع دينك في أعناقهم وأبرا منهم إن خذلوك كما خذلتك وأخيراً سامحيني يا بنيتي سامحيني يا حبيبتي
التعليقات