كنا قد حذرنا منذ شهر إبريل الماضي؛ قيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية، وجماعة الإخوان المسلمين؛ من أن ممثلي الثورة في الخارج قد أضاعوا ما يقارب العام آنذاك؛ من الدعم السياسي والإعلامي القطري والتركي، وهو ما لن يستمر إلى الأبد بمنطقية الأمور ..
وكانت رؤيتنا أن التسوية وربما المصالحة قادمة لا محالة بعد انتهاء مسرحية الصناديق الفارغة لانتخاب السيسي، وبمجرد وصوله لكرسي الحكم؛ فالدول لها مصالح ستراعيها ولابد، خاصة مع عدم قدرة القوى المناهضة للانقلاب على الحسم وربما عدم وجود رؤية لذلك أصلا !!
وهو ما كان بالفعل باعتذار السيسي لقطر وإبراز بعض وجوه 30 يونيو على شاشة قناة الجزيرة لفترات طويلة وبمكافآت مجزية، ثم ما كان من مطالبة قطر لقيادات جماعة الإخوان بالإخلاء الهادئ وهو ما أسفر أخيرا عن المصالحة بين النظام المصري والقطري.
ويغلب على الظن أن الأمر ليس مجرد مصالحة محدودة، وإنما هي تسوية ما بصورة أو بأخرى، فقد توقفت قناة الجزيرة عن الهجوم على النظام الانقلابي فورا؛ قبل أن تعلق عملها في قطر؛ ربما لتبدأ في القاهرة خلال أيام في ثوبها “المعارض” أو “المروض” الجديد، وتواكب ذلك مع حالة من الخمود المقصود في فعاليات التحالف ربما تمهيدا لتجميده، وفتح معبر رفح لثلاثة أيام وإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيبن في سجون الانقلاب، وكذلك لوحظت حملة إفراجات لإطلاق سراح أعداد لا بأس بها من المعتقلين الشباب رغم خطورة التهم الملفقة لهم !!
والسيناريو الأخطر هنا هو أن تكون هذه الإجراءات ربما تمهيدا لإطلاق بقية النساء المعتقلات وانتهاء بإطلاق سراح الرئيس المنتخب د.مرسي وقيادات أخرى ربما لعمل حكومة منفى خارج البلاد!!
وخطورة مثل هذه التسوية أنها لن تتم إلا بتنازلات جسيمة عن ثوابت شرعية وطنية لا يجوز المساس بها وليس من حق أحد التنازل عنها ﻷنها في الحقيقة حق الشعب المصري كله وتضحياته ودماؤه كالقصاص للشهداء وحقوق بقية المنكوبين من نظام مبارك منذ ما قبل الثورة ثم الثورة ثم الانقلاب عليها ..
ولكن هذه التسوية المتوقعة لن تمثل إلا الخطوة اﻷولى فقط من خطوات سيناريو ربما كان هو الأخطر والأسوأ من نوعه، فمثل هذه التسوية وبهذا التصور سوف تسقط ما تبقى من مصداقية جماعة الإخوان ومن تحالف معها وتضيع بقية الاستحقاقات الوطنية لثورة يناير، بما ينهي الوجود السياسي لقوى الثورة الحقيقية وعلى رأسها القوى الإسلامية وينزع أية حقوق مشروعة لها في المشاركة في أي وضع سياسي مقبل بعد سقوط الانقلاب والذي هو ساقط يقينا وعما قريب إن شاء الله.
وأخشى ما نخشاه أن تعمد القوى الخارجية التي تدير الموقف خلف الستار إلى تحريك بعض الدمى العلمانية التابعة لها في الخارج أو الداخل للتحرك ميدانيا ضد السيسي الذي احترق سريعا وأدى ما عليه وصار لازما خروجه من المشهد واستبداله بوجه جديد لا يتحمل تبعات المذابح الجماعية ضد الإسلاميين وحملات التطهير العرقي ضد أهلنا في سيناء والمنطقة الحدودية العازلة لتأمين إسرائيل وانهيار البلد اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا،
وسيشجع على ذلك ولابد دعاوى التوافق والاصطفاف المزعوم الذي محصلته تنازلنا عن هويتنا وثوابتنا الإسلامية والوطنية فحسب وتهافت بعض القوى الإسلامية التقليدية على مثل هذه المهزلة التوافقية.
ولنضع في الاعتبار بجوار كل ما سبق تلك الاجتماعات التي رعتها شخصية ليبرالية معروفة في فندق شهير باستنبول ودعيت إليها شخصيات من تيارات مختلفة من بينها قيادات إسلامية مصرية بالخارج وأخرى بالداخل كما دعيت إليها بعض وجوه 30 يونيو بتكلفة كاملة للسفر والإقامة لتبشر بحل سياسي قريب نعرف بعض تفاصيله؛ وبرعاية أمريكية !!
من أجل ذلك أعلنا تدشين انتفاضة الشباب المسلم ومعركة الهوية في اللحظة الفارقة يوم 28 نوفمبر، وستثبت الأحداث القريبة جدا إن شاء الله صحة هذا الخيار، كما يدل على ذلك أيضا ذلك الهجوم الشرس الذي شنه على هذه الانتفاضة الانقلابيون وخصومهم على حد سواء فوصفها الأولون بالدعشنة ونعتها الآخرون بالعمالة، مما يؤكد أن الانتفاضة قد عرقلت بعض ما كان يجري بالفعل في الكواليس كما ستعيق إن شاء الله ما سيأتي منه وإن غدا لناظره قريب ..
التعليقات