الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
في إطار خطة «التفتيت» يأتي الصراع الطائفي كموضوع أساسي للخطة.. وفي إطار أي خطة لابد أن يكون لكل موقف معطياته في الواقع..
وموقف إعادة زوجة الكاهن -وهي الثالثة من زوجات الكهنة- من هذه المواقف التي سيكون لها معطياتها التي تضاف إلى معطيات مواقف من سبقها من زوجات الكهنة اللائي أسلمن..
وفي البداية يجب أن يكون معلوما أن أي موقف عدائي للإسلام هو بإذن الله خير للمسلمين.. هذه قاعدة..
وإثباتاً لهذه القاعدة كانت معطيات هذا الموقف
وأولها : إظهار مدى قوة الإيمان الذي وضعه الله في قلب زوجات الكهنة اللائي أسلمن ، حيث كان إسلامهن رغم كهانة الأزواج، ورغم طبيعة العلاقة الزوجية التي تدور فيها الزوجة في فلك زوجها وتتبنى عقيدته وتصوره، ويكون له عليها التأثير الطبيعي الكامل، حيث ظلت الأخت كاميليا مسلمة دون أن يعرف زوجها فترة طويلة، حتى أنها حفظت من القرآن وفقهت في الدين، فتعلمت تجويد القرآن، وصلاة الاستخارة، وصلاة الغائب، ودعاء الاستفتاح، وأذكار الصباح والمساء، دون أن يعرف زوجها الكاهن!
ومن هنا ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون كما قال الله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (التحريم:11)
أسلمت امرأة فرعون دون أن يدري.. رغم ما في العلاقة الزوجية من خطورة على الأسرار، إذ أنها علاقة إفضاء بالمشاعر والأفكار..
ومن معطيات هذا الموقف: إعلان حقيقة الإسلام للنصارى، حيث كانت الحادثة مشهدا رائعاً لأخلاق الإسلام، نرى فيه الكاهن يضع المال باسم زوجته، ثم تعيد المسلمة الأمينة المال والذهب إلى الرجل.. قبل أن تترك حياة الثراء.
لتذكرنا بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أراد الهجرة، فترك أموال قريش مع علي ابن أبي طالب، ويتعرض علي من أجل ذلك للقتل، غير أنه كان على يقين بنجاته، لأن الرسول تركه ليرد الأمانة، ولابد أن ينجيه الله ليفعل ذلك.
وفي مقابل هذا المشهد الرائع الوضيء نرى البقع المتنصرة المتناثرة على وجه الكنيسة.. المشهورة بالعهر: نجلاء الإمام، واللص المدان: رحومة..
النصابين المتنصرين الذين فضحهم النصارى أنفسهم!
ومن هذه المعطيات : تثبيت أسلوب المظاهرات النصرانية كوسيلة للضغط عند دخول زوجة من زوجات الكهنة في الإسلام، حتى يصبح التوتر الناشئ عن التظاهر هو الأصل في علاقة النصارى والمسلمين، وهو هدف أساسي لخطة التفتيت التي تنفذ بغاية الدقة والسرعة.
ولذلك ظهرت التساؤلات المنطقية عند عامة النصارى.. ماذا بعد استمرار إسلام زوجات الكهنة ثم إعادتهن بالمظاهرات؟
وهل ستصبح هذه المظاهرات ضمانة بقاء النصارى على الدين؟!
ومن هنا أظهرت المظاهرات الحالة النصرانية العقيدية التي أصبح البقاء فيها على الدين بالقهر والإكراه
ولكن المعطيات تمتد إلى الموقف الإسلامي من الحدث، وأهمها امتداد أثر الحدث إلى العامة من المسلمين، لتبدأ مرحلة دخول العامة في دائرة الصراع.
وأتيحت الفرصة الكاملة للناس ليفهموا حقيقة الموقف، وليروا بأعينهم ويسمعوا بآذانهم سب الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام، وخطف وقتل من يشهر إسلامه على يد ميليشيات نصرانية مسلحة، وإعادة المسلمات قهرا إلى الأديرة ليموتوا، ، وتمويل الفضائيات النصرانية لازدراء المقدسات الإسلامية، وتصاعد غطرسة النصارى أمام الجميع..
وذلك مع التأييد الأمريكي والغربي للنصارى في الشرق، والحرب على الإسلام في الغرب، ومنع الحجاب والمساجد والمآذن، والمطالبة بحرق المصحف..
ومن هذه التصرفات ستكون موجات متتابعة متجهة نحو إغراق الأمة في مشاعر الهوان التي يجب أن نقاومها..
أنت الأمة، وما ستفعله أنت.. سيكون هو نفسه فعل الأمة..
ابتداءً: بتوقف ظاهرة توبيخ الأمة ومعايرتها بالمليارية العددية ، وانتهاءً بالشعور بالمسئولية الفردية الشخصية لكل فرد من هذا العدد ..
أنت الأمة، وما ستفعله أنت.. سيكون هو نفسه فعل الأمة..
وبمقاومة الهوان والإحساس بالمسئولية.. يبدأ الفهم الصحيح للموقف.
لنفهم أننا أمام خطة التفتيت المتجهة بأقصى سرعة نحو صراع فكري وسياسي واجتماعي وعسكري على أساس طائفي، إنها الخطة التي تخضع لها الكنيسة بكهنتها، وأقباط المهجر بكوادرهم، والحكومة بأجهزتها.. وكأن هذا الخضوع الغريب المذهل هو قضية الإجماع الوطني التي يبحث عنها الجميع..
إنها أشد الظروف ألماً، ولكنها أقواها أملاً في إفهام الناس ما عجزوا عن فهمه عقوداً من الزمان.. وهذا ما بدأ فعلا عندما بدأت الدعوة إلى التظاهر اعتراضاً على آثار هذا الموقف..
وبالطبع لا يمكن قياس رد الفعل الإسلامي على إمكانية الخروج في مظاهرة أو وقفة إحتجاجية ، لأن المظاهرات في حسابات «الموقف الواجب» و «رد الفعل المناسب» أمر مقبول للدلالة ـ فقط ـ على انتباه العامة إلى الخطر العدائي..
وهذا الانتباه سيتصاعد باستمرار التصرفات النصرانية المعادية والاستفزازية..
ومجرد الدعوة إلى المظاهرات -حتى دون أن تخرج- تحقيق كامل لتلك الدلالة، وهي إدخال العوام في دائرة المواجهة اللازمة لكل التصرفات المعادية للإسلام.
لقد حان الآن “«الموقف الواجب» وحماية الداخلين في الإسلام بكل الوسائل والأساليب الممكنة، وخصوصا بعد أن تكرر تسليم الأخوات المسلمات إلى الكنيسة، وتكرر قتل الداخلين في الإسلام من الرجال والنساء على أعين الناس دون أي رد فعل..
وهذا ما يجعل استخدام القوة من الجانب المسلم إحتمالا قائما أمام عمليات الخطف والقتل المعلنة والمتكررة
كما خرج الإحتمال في تصور المسلمين من دائرة التنظيمات الخاصة الى الواقع الأسلامي العام
ومع التسليم الشرعي المطلق بواجب تحرير المسلمات الأسيرات بالقوة إلا أن قياسا للرأي بين المسلمين من خلال هذا الإستفتاء يكفي لإثبات هذا الإحتمال
· هل تؤيد استخدام القوة لتحرير الأخوات التي أسرتهم الكنيسة بالقوة
· هل تؤيد استخدام القوة لتحرير الأخوات التي أسرتهم الكنيسة بالقوة بعد إستنفاذ كل المحاولات السلمية لتحريرهن
· هل ترفض استخدام القوة لتحرير الأخوات التي أسرتهم الكنيسة بالقوة حتى لو فشلت كل المحاولات السلمية لتحريرهن
ولتكن نتيجة هذا الإستفتاء معيارا لموقف عوام المسلمين من الأحداث
تلك هي الحسابات الحقيقية للموقف ومعطياته..
نحن ننزف مشاعر الكرامة بعجزنا عن حماية الأخت التي أسلمت، هذه حقيقة..
ولكن النصارى ينزفون الاطمئنان إلى صواب الدين الذي هم عليه، بعد إثبات وكشف الإيمان الشديد عند زوجات الكهنة، حيث كان إسلامهن اختياراً حرا رغم المواقف السابقة التي أشيع فيها تعذيب وقتل من سبقهن..
ومن هنا أصبحت ظاهرة إسلام زوجات الكهنة جرح غائر في جسد الكنيسة المصرية.
وهذه المعطيات لا يساويها أو يقترب منها شعور النصارى بالقدرة على الرجوع إلى «القصر البابوي» بكل زوجات الكهنة المسلمات.. إذ ستصبح كل مسلمة أعيدت إلى الكاتدرائية قنبلة تهدمها على من فيها..
ووداعا للسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية التي لن تنفع في جمع أشلاء الوطن وتمزيق نسيجه الواحد.
ولكن على أي شيء يستند النصارى في كل ذلك ؟
يستند النصارى على أشياء كثيرة ولكن أخطرها على الإطلاق هو تغير المسلمين
لقد حدث في الستينات أن انتشرت إشاعة تنصر شاب في الإسكندرية، فضجت المحافظة كلها ولم تنم
الآن أصبح خبر تنصر شاب أو فتاة يمر بلا أدنى مبالاة..
ولكن هذا التغير ليس موتا بل حالة عارضة تشبه وقوع الأسود في ساحة السيرك
نعم قد يتمكن الحارس من ترويض الأسد, لكن ذاك الأسد –رغم هذا الترويض- سينتبه أنه أسد فينتفض ويفترس من يروضه
إن موقف أسر المسلمات يجب أن يبقى رمزاً للمواجهة..
والحكمة لا تسمح بتجاوز هذا الموقف ولا ينبغي أن تكون مصطلحات «المصلحة» أو «درء المفسدة» أو غيرها.. غطاءا لتأجيل المواجهة اللازمة
ومن الحسابات الخاطئة للنصارى .. جس نبض الأمة أو اختبار رد الفعل الإسلامي بتلك التصرفات المعادية ، لأن هذا الرد الإسلامي لا يخضع لحسابات البشر المعهودة
بل هو قدر الهي له حكمته ووقته
التعليقات