السعادة الحقيقية هي حكر على المؤمنين المتقين هذه هي المسلمة القرآنية التي بينها ربنا عزوجل حينما قال (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فالمؤمن التقي هو الذي يسبح في نسائم الطمأنينة والرضا ، يلمح الجمال أين كان ويستنشقه ، تتناغم روحه مع كافة الموجودات، تهامسها وتهامسه حين السحر، إنها العزة الحقيقية، والصفاء والراحة اللامتناهية، حينما يلامس جبينك الثرى في ساعات السحر، تسكب دموع الأشواق والحياء في محراب التعظيم والرجاء والمحبة، وتحيى لحظات الأنس والقرب مع الخالق العظيم، تترنم بآيات كتابه، تستعذب معانيها، وتغوص في بحار خيرها الذاخر، تستخرج مهنا كنوز اللؤلؤ والدر المنيرة تستضيء بها في حياتك وتستكشف بها آفاق طريقك.
ارتباط بكتاب الله آناء الليل وأطراف النهار يرسخ لعلاقة صادقة مع رب العباد تستجلب بها الرحمات ونسائم الهداية، ولسان يذكر الله يحفظك من الزلات ويطرد عنك الوساوس والشياطين، يربي فيك مراقبة وخشية الله في السر والعلن، ويحيي فيك ضميرا حرا جريئا حازما تشعر معه بأنك ملك الدنيا وما عليها، قوتك من قوة إيمانك وقربك من مليكك ومولاك، وإرادتك من نور العلم الرباني، إذا مشيت فلله، وإذا وقفت فلله، وإذا نطقت فلله، وإذا سكت فلله، حركتك وسكونك، يقظتك ورقودك، خواطرك وإراداتك، حزنك وسرورك، كل شيء في حياتك هو لله، ومعه سبحانه تتذوق حلاوة الإيمان واليقين، تتذوق حلاوة العيش السعيد الآمن المطمئن، الذي لا يكدر صفوه شيء مهما عظم :
فليــتـك تحـلـــو والحيـــاة مريـــرة…… وليتك ترضــى والأنام غضاب
وليـــت الذي بيـــني وبيـــنك عامـــر….. وبيني وبين العالمـــين خـــراب
إذا صــح الود منــك فالكـل هــين…… وكل الذي فوق التراب تراب
إنها لذة تستعذب معها كل مشقة، وكلما ارتقيت في البذل كلما نلت مزيدا من المنح، يحسدك عليها الحاسدون، فيحاولوا الكيد لك والنيل منك والتضييق عليك، ولكنها لذة عظيمة يهون معها كل عصيب، وتستعذب في سبيلها أي تضحية، حتى تصير عبدا ربانيا نورانيا لا يضرك شيء، ما دامت السموات والأرض، إنها النعمة المطلقة والمنة الكبرى، التي لا يشقى مالكها ولا يخيب طالبها، من سعى لها هُدى، ومن حازها سعد، ومن فقدها فقد نفسه وروحه، وفقد كل خير.
التعليقات