يرتكز الليبراليون ـ في مصر ـ على عدة أساليب لتعويض الفارق بين قوة المنهج الإسلامي وإشكاليات المنهج الليبرالي ، وخاصة إشكالية الانبتات عن الأمة ، منها :
– عرض المقارنات بين النظرية “الليبرالية” والتطبيق “عند الإسلاميين” بحيث يعرض شعاراته ثم يبرر البعد عن المنهج الإسلامي بإشكاليات التطبيق، وهو بهذا يقوم بتفريغ المنهج الإسلامي من مضمونه وجوهره ويحصره في بعض الأخطاء التطبيقية..
– التأكيد على قبوله الإسلام كدين ، وأن رفضه هو للفهم المتطرف للإسلاميين ، وهي محاولة لإخفاء حقيقة العداء ضد المنهج الإسلامي نفسه ، وتحييز الإسلاميين كأنهم وافد وكأن المناهج الغربية هي الأصيلة!!
– الإستعلاء وهو ركن أساسي في أي مناظرة إذ المقصود منها إعلاء المنهج أمام العوام ، فيتجه من أول المظاهرة للإستعلاء بالعلم أو سعة الاطلاع و الثقافة أو الفهم وسعة الأفق ، وقد يصاحب ذلك محاولة لإحراج أو تصغير الإسلامي…
ولذلك فهناك مسارات كلية لا بد أن يهتم الأخ المناظر في تسيير المناظرة فيها، منها :
أولاً: حصر المناقشة في مستوى واحد إما تنظيري منهجي أو تطبيقي واقعي.
ثانياً: الانتباه إلى أن أخطاء التطبيق الليبرالي مضطردة ومقبولة بلا معارضة بل ومشرَّعة أحياناً ـ كقوانين واتفاقيات مكافحة الإرهاب التي تتجاوز أصول القانون ـ ، ومن أمثلة ذلك مذابح الثورة الفرنسية بلا محاكمات ،وإبادة الهنود الحمر لتأسيس الولايات المتحدة ،والتواطؤ على ذبح مسلمي البوسنة والسكوت عنه ، وتبرير المذابح تحت بند الإرهاب خارج أي شكل قانوني ، ورفض الغرب الاعتذار عن محاكم التفتيش ، تمرير مذابح نابليون بزعم إدخال الطباعة وغيرها مصر والإشادة باستعماره، فكلها تؤكد اضطراد الخلل وترسخه وقبوله عند منظري المنهج.
بخلاف أخطاء التطبيق في التاريخ الإسلامي التي تتسم بكونها أخطاء فردية ؛أي يرفضها المنهج ويتحرك علماء المنهج ضدها وتقوم حركات تصحيح ضدها..
ثالثاً: كذلك أخطاء التطبيق قد تكون من قبيل الإلزام بلازم المنهج كانتشار الزنا والفساد وتفكك المجتمع فلا يوجد مجتمع ليبرالي إلا متفكك ..
رابعاً: الانتباه إلى لوازم النقد حتى لا ندعمها بدون قصد مثل الاستدلال بأخطاء التطبيق للاستدلال بها أنه منهج سامق لا يمكن للبشر تطبيقه ، وهي محاولة لتفريغ للمنهج ، بينما هذه الأخطاء دليل على كمال المنهج وقوته لأنه المنهج الوحيد الذي يحتوي آليات للتعامل مع أخطاء التطبيق ، وهو منهج يحتوي على مفهوم التجديد وهو مفهوم فريد ووعد رباني يمثل مزية فيه عن غيره من المناهج الأرضية ، فهذا أولى من الانجرار في تبرير أو تفسير أو نفي الأخطاء فنخرج من إرساء المنهج إلى الدفاع عن الأشخاص “وقد يكون مهما ولكنه ليس الأصل” …
وهذا كله يجعله أخطاء التطبيق عامل أساسي في إظهار رونق المنهج وروعته ومناسبته لواقع البشر..
خامساً: قلب التحييز: فبدلا من قبول وضع المدافع والسعي في إثبات أنك لا تنطلق من فهمك ، طالبه بطرح الأسماء المقبولة عنده وإلزامه بفهمهم فحتى محمد عبده ـ مثلا ـ لم يتنزل إلى حضيض ليبراليي اليوم ، وهذا المنحى يجعله في النهاية متحيز خارج دائرة الأمة وعلمائها محصوراً في دائرة المثقفين والأدباء كطه حسين وغيره
سادساً: اظهار التناقض ، مثل ديكتاتورية نشر الحرية وزعم تمثيله لثقافة الأمة بينما يطالبها باتخاذ الغرب قبلة ، والتأكيد عن انفصاله عن الأمة لأن هذه هي أصل المعركة ، من يمثل الأمة؟ .
سابعاً: وهو الأهم الاستعلاء بالحق ، فليس السبيل لكسر استعلائه بمماراته في إثبات سعة القراءة والإطلاع لأن هذا استعلاء شخصي ، ولا بالتجريح وقول السوء لأن هذا مخالف لمقصود المناظرة وهو الدعوة إلى الحق للوصول إلى إعلاء كلمة الحق وهذا يكون بكثرة إيراد الآيات والأحاديث والانطلاق منها والتحاكم إليها، وفي غالب المناظرات تجد الليبرالي يصيبه كرب شديد واضطراب هائل بمجرد تلاوة آيات كتاب الله في أي قضية ، ولقد قال تعالى: {وجاهدهم به جهادا كبيرا}..
التعليقات