تتسارع الأحداث، وتتقارب من نهاياتها المعلومة، وهذا يدفع بعض الناس إلى تفسير التغيرات الحاصلة ونتائجها المتوقعة، بما يرسم الفصول الأخيرة من أحداث النهاية، مع ما في هذا من العجلة التي جبل عليها الناس.
فيفسر البعض.. الصراع المشتعل حاليا بين أمراء السعودية، على أنه مقدمة الاقتتال الوارد بين “ثلاثة، كلهم ولد خليفة” قبيل ظهور مهدي آخر الزمان. فهل هذه قراءة صحيحة للمشهد؟.. لا أظن ذلك، لأسباب:
الأول: من الناحية الشرعية
لم يعهد في خطاب الوحي تسمية أمثال هؤلاء الملوك غير المقيمين لشريعة الإسلام “خلفاء”.. إلا أن يراد المعنى اللغوي العام، لكنه كما قلت غير معهود في خطاب الوحي.
الثاني: من ناحية السنن الجارية في الخلق
فإن التغيرات التي أجراها الله في خلقه، بين مراحل الحياة المختلفة، كانت تمر عبر مراحل وسيطة، تحمل من سمات ما سبقها، وتمهد لما بعدها. وعليه فإن مرحلة خلافة المهدي الراشدة، أرى أنه سيسبقها حكم إسلامي وإن لم يرتق إلى رتبة “الخلافة الراشدة”، بل وسيرد عليه بعد قيامه بفترة قد لا تطول “نقص شديد”، يمهد للانتقال إلى مرحلة خلافة المهدي. أما القفز من “الحكم الجبري” العلماني إلى “الخلافة الراشدة” للمهدي، فأرى أننا لسنا في المرحلة الوسيطة الكافية لتحقيقه.
الثالث: من الناحية الواقعية
لو تمزقت الدولة السعودية في اللحظة الراهنة، ومع التسليم بمقومات ذلك التمزق، فإن المستفيد الوحيد من ذلك التمزق سيكون إيران، المستعدة لالتهام المنطقة بحزامها الشيعي الذي يطوق الجزيرة العربية. وهذا المستفيد له معارضون كثيرون لا يرون أن هذا التغول الإيراني في مصلحتهم:
1- أمريكا
التي تقلصت فرص تدخلها المباشر على الأرض، واضطرت للتسليم بكثير من المكاسب لإيران.
2- إسرائيل
التي ترفض تمدد أي قوة مجاورة لها، وتفضل تفتيت كل الجوار، وبقاء الواقع المجاور متنازعا، ليزيد ذلك من فرص تغولها وتمددها في محيطها.
3- تركيا
التي تعتبر أن هذا التمدد الإيراني في المنطقة، على حساب الواقع السني، إنما هو خصم من مجالها التقليدي، كمركز ثقل في الكتلة السنية في المجتمعات المسلمة.
4- دول الخليج
فإنها مع ضعفها العسكري، تؤثر باعتبارات أهمها إقتصادية، فتستدعي حفاظا عليها ممن ينتفع بوجودها هكذا، وهو الوجود الذي لا يمكن تخيل استمراره إذا سقطت السعودية في ظل النفوذ الإيراني.
5- أوربا وبقية الدول العربية
باستثناء العراق وسوريا، والذين يمثلون دعما وغطاء لكل من سبق ذكرهم من (1) إلى (4) لمصلحتهم في ذلك.
فالخلاصة التي أراها
- إن الواقع الحالي لا يعطي فرصة لتلك القفزة الإيرانية الآن، وبالتالي لن يسمح بسببها، وهو التمزق السريع للدولة السعودية الحالية.
- أما ما أتوقع حصوله، فله منشور تال، يإذن الله.
التعليقات