عندما يقيم البعض تجربة الحركة الإسلامية فى مصر فترة ما بعد ثورات الربيع العربى مقترنة بشقيقتها تونس , فيعتبر أن النسخة المصرية حققت نتائج كارثية و خيمت بنهاية مأساوية تحتاج بعدها لعقود كى تتعافى من جديد , وتضمد ما بها من جراح .. فى حين ينظر للنسخة التونسية أنها الأوفر حظا أو الأكثر وعيا عندما تحاشت الصدام وخرجت بأقل الخسائر مستفيدة بذلك من مسار الاحداث فى جارتها مصر .
وبعيدا عن تقييم كلا الحركتين و مستوى الوعى و البناء و التنظيمى لديهما , و أثر ذلك على القدرة الفاعلة و الأختيارات المتاحة أمامها , وبنظرة ثاقبة فى حقيقة المشهد و جوهره بدون سطحية مفرطة , و اعتماد على الظواهر الخادعة فأننا نشهد بونا شاسعا بين التجربتين
على سبيل المثال نجد أن سقف المطالب المأمول فى التجربة المصرية أخد منحنى تصاعديا فمن الاكتفاء و الرضا بفكرة الرئيس ” التوافقى ” إلى تقديم رئيس إسلامى ثم السعى لتمكينة بصلاحيات كاملة .
أما فى النسخة التونسية فابتدأت برئيس توافقى و أنتهت بالتسليم لرئيس من معسكر اعداء الثورة .
من جهة أخرى تميزت التجربة الإسلامية فى مصر بامتزاج مكونات التيار الإسلامى المختلفة مع الوقت وتناغم حركتها ودعم بعضها لبعض بطريقة مقصودة أو غير مقصودة .
بخلاف الحالة التونسية فعلى الرغم من محاولة بعض أجزاء الإسلامى كسب ود خصومهم من العلمانيين سجلت مشاهد من التنازع بين أبناء التيار وصل إلى صورة من الاحتراب .
الحركة الإسلامية فى مصر تلقفت لواء الثورة , و أصبح الحديث بأسم الثورة محصورا عليهم , وقادت بذلك كل الشارع الثورى خلفها , وتصدرت المشهد حتى صار الحراك الإسلامى سيد الميدان بلا منازع فى حين تراجع الحضور و التأثير السياسى للنسخة التونسية من أغلبية برلمانية إلى أقلية .
أدى الانقلاب فى مصر إلى تصاعد الخيار الثورى لأقصى مستوياته حتى أصبح قوة جارفة لا يمكن إيقافها وتزداد مع الوقت قوة و وعيا فى حين احتويت الثورة فى تونس بشكل كبير .
ومازال الانقلاب الخشن فى مصر يعانى من ترسيخ شرعيته التى لم يثبتها بعد , لان الحركة الإسلامية قائمة على دفعه والسعى لإفشاله , وهى حقيقة لا يذيدها الوقت إلا رسوخا و ظهورا ، بل أن الانقلاب حول الحركة الإسلامية من خيار التطهير الكامل والفوري لأي أثر له في كيان الدولة .
فى حين لاقى ” الانقلاب الناعم ” فى تونس قبول الحركة الإسلامية و تسليمها الطوعى له , و أقرت له بالشرعية و أسبغت عليه حلتها , فى انتكاسة كبيرة تجعل الثورة التونسية و الحركة الإسلامية فى تونس تنتظر مصير مجهولا وخطرا متوقعا خاصة مع تجريدها من أدوات القوة سواء السياسية أو الشعبية .
و فى النهاية فإن الفارق بين التجربتين متعلق بقيمة كل منها فى مشهد الأحداث .
ففرق بين يمثل مجرد شرارة البداية ” تونس ” و من يمثل محور التغيير فى المنطقة ” مصر ”
كما سبق أن ذكرنا دور كل منهم فى مقال بعنوان ” البعد القدرى لثورات الربيع العربى “ .
التعليقات