نشأت حركة حماس كحركة إسلامية في ظل الاحتلال الصهيوني داخليا، وحصار الأنظمة العميلة خارجيا، وتواطؤ (صهيو/صليبي) مضاد لها دوليا .
اختطت الحركة وجودها في العمق الفلسطيني بسنوات من العمل (الدعوي/المجتمعي) أولا، ثم أضافت له بعد ذلك العمل (الجهادي/السياسي) المعبر عن (الهوية/الأمل) شعبيا .
واختطت وجودها في المحيط الشائك حولها بالتركيز على قضيتها المركزية، ومحاولة فك الارتباط بين قضيتها وبين أي قضية أخرى، حتى لا تفتح جبهات أخرى تعود عليها بالتضييق في ظرفها الضيق ابتداء [وهذا توصيف، وليس تقويما] .
انتقلت حماس (داخل غزة) من حركة إسلامية مجاهدة وفقط، إلى سلطة يلقى عليها عبء إعاشة الناس أيضا. كما انتقلت من قوقعة الانفصال عن الشأن العربي، إلى الانفتاح والتفاعل مع مرحلة ربيع الثورات، مما أفادها مؤقتا مع مصر(قبل الانقلاب، وأضرها بعده) وأضرها مع سوريا (بطول فترة الاستبداد، وما ينال الكتلة الإنسانية الفلسطينية فيه) .
مثلت فترات التهدئة فرصة لترسيخ الوجود، وزيادة القوة، وإعطاء مكتسبات لشعب يعيش تحت المعاناة والعدوان. وإن كانت قد أتاحت أيضا فرصة للإعلام المضاد للحركة (داخليا/إقليميا) لاتهامها بالتخلي عن أهدافها المعلنة ضد العدو، والرضا بالمكتسبات (الشخصية/الفئوية) في الداخل الفلسطيني .
كان عام الانقلاب المصري هو الأسوء (حالا/ثمارا) فالحصار الخانق جعل القطاع يموت موتا بطيئا
وفي ظل حركة الثورات المضادة المحيطة بفلسطين، واشتعال العداء ضد أي وجود إسلامي على رأس أي حالة سياسية، كان عام الانقلاب المصري هو الأسوء (حالا/ثمارا) فالحصار الخانق جعل القطاع يموت موتا بطيئا، وعجز الحركة عن الوفاء بمسئوليات الحكومة شكل تهديدا قويا لعمقها المجتمعي .
فقررت الحركة التنازل عن الصدارة السياسية، لصالح القيادة العلمانية المقبولة صهيونيا، مقابل الاحتفاظ بدورها كحركة مجاهدة تحوز عمقا مجتمعيا حاضنا. وكان ضروريا لهذه المرحلة تقديم شيء يثبت قيمة الحركة للمجتمع، وليس أهم في المجتمع الذي يعيش تحت الاحتلال الصهيوني من تحرير الأسرى (شيوخ/صغار/مرضى/نساء/قادة/ذوي أحكام طويلة) .
لذا جاء اختطاف الجنود الصهاينة الثلاثة، كعملية نظيفة تتم بمغامرة، لكن دون خوض حرب ذات ثمن غالٍ، ترسيخا لدور حماس في حاضنته الداخلية.
وفي ظل العنجهية الصهيونية، المعتدة بحلفاء الثورة المضادة عربيا، رفض الصهاينة إعطاء أي مكسب لحماس ولو مقابل تراجعها (السياسي، والمؤثر مع الوقت على العسكري). فكان التمشيط العسكري، معروف النتيجة سلفا، فمن لا يقدر على الاحتفاظ بالأسير يقتله. واعتبر الصهاينة أن الانتقام للقتلى (أقل كلفة/وأكثر نكاية) من التفاوض حول الأسرى .
فحصل ما لم يكن متوقعا، حيث كان رد حماس موجعا ومفاجئا، فاشتعلت معركة المستفيد الأكبر منها هو حماس .. فقد حصل اصطفاف شعبي خلفها، وتقبل الناس التضحيات في ظل الإثخان غير المسبوق في العدو، كما تبخرت كل الاتهامات التي روجها ضدها أعداؤها حول الفترة السابقة وقيمة وجودها في السلطة، واختفى التراجع السياسي في ظل التقدم الجهادي، ففرضت حماس (الإسلامية) نفسها في صدارة المشهد (فلسطينيا/وإقليميا/ودوليا) .
إن أكبر مزايا حماس التي أثبتتها الأحداث :
1- أنها تدير العلاقة مع العدو (الصهيوني/والعميل له) بأشكالها (التهدئة/المعركة) على قاعدة الصراع في (الحال/والمآل).
2- مع حرصها على عدم خوض معركة صفرية لا تقدر على ربحها [مطالبهم لقبول التهدئة، نموذجا] .
3- لكنها تتقدم مع الوقت من خلال معارك تكتيكية ناجحة [مقارنة معارك 2014 بـ 2013بما قبلها، نموذجا] .
4- وهي مستعدة لدفع الثمن الضروري لذلك، من الأرواح فما دونها، إذ لا نصر في المعارك إلا بالتضحيات [خاصة مع فارق القوة، وضيق الظروف] ومعها حاضنتها الشعبية الراضية بذلك. فقد دفع الشعب من قبل أثمانا باهظة دون مقابل [قتل/تهجير/مطاردة في المخيمات/…نماذج للتضحيات في ظل الاستسلام] .
5- العمل على تغيير معادلات القوة لتغيير الواقع، فلا ينتصر حق لا قوة له، ولا ينتفع بقوة لا تديرها البصيرة، ولا قيمة لبصيرة لا تدعمها إرادة تسهل التضحيات .
التعليقات