بين العالم … والمُدَرِّس

فرق بين العالم وبين المدرس، العالم هو المتبحر في العلم، والقادر على الترجيح والاختيار والزيادة، وإيجاد الحلول ومعالجتها طبقا لأصول العلم، بل قد يكون له اجتهادات في هذه الأصول أيضا، بما لا يخالف إجماع أهل الفن، أما المدرس فهو القادر على إيصال هذا العلم وتبسيطه بالتشجير والتمثيل ونحو ذلك…

تبدو الإشكالية التي تحتاج إلى تنبيه: أن يتحول المدرس إلى عالم، فيتم اللجوء إليه لعالميته، وذلك لظهوره، ولفصاحته، ولاحتكاكه بالعامة، والغفلة عن (العالم) لانشغاله، وتواريه، وتركيزه في العلم، فتنتكس الرُّتَب، ويضيع العلم..!!

والمشكلة أن البعض لا يفرق بين الاثنين، بل يعتبر المدرس عالما في الفن، نعم… هو عالم في فن التدريس، وهذا هو فنه ومجاله، وقد لا يكون لديه القدرة على الإبداع في العلم المعين الذي يقوم بتدريسه، فمثلا مدرس الفيزياء الماهر قد لا يكون عالما بالفيزياء ذاتها بالمعنى الاصطلاحي للعالمية، بل هو على علم بالمادة، ولم يصل لدرجة الاجتهاد والإبداع، فهو يعلمه على ما هو به، وأما إبداعه فيتركز في إيصال المادة العلمية، وتوصيلها، والعالم قد لا يكون له القدرة على فن الإيصال، بل قد يكون متلعثما، ولا يكون صاحب فصاحة، وقد يكون مصابا في لسانه (بالتهتهة) أو (ألثغ) أو نحو ذلك، ولا يستقيم هذا غالبا مع المدرس الذي يستخدم هذه الملكات في إيصال المعلومة، وإصابته قد تحد من هذه القدرة..

ولعل الحق تبارك وتعالى أشار إلى ذلك في الفرق بين موسى عليه السلام وأخيه هارون، فلا شك في علو منزلة موسى على هارون، لكنه قال: (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا، فأرسله معي ردءًا …) ومرتبة المدرس بالنسبة للعالم كمنزلة الوزير بالنسبة للأمير: (واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري).

وتبدو الإشكالية التي تحتاج إلى تنبيه: أن يتحول المدرس إلى عالم، فيتم اللجوء إليه لعالميته، وذلك لظهوره، ولفصاحته، ولاحتكاكه بالعامة، والغفلة عن (العالم) لانشغاله، وتواريه، وتركيزه في العلم، فتنتكس الرُّتَب، ويضيع العلم..!!


التعليقات