خاطرة: كم نصيبك من هذا العلم؟!

إخواني طلاب العلم الشريف وحملة ميراث رسول الله …
أيها الأحبة في كل مكان….
تعلمون أن الله فضل آدم بالعلم على الملائكة ، وكان ذلك تفضيلا للعلم على سائر الصفات والأخلاق الفاضلة…
وتعلمون أن الله رفع العلماء فجعلهم شهداء على ( لا إله إلا الله ) مع ذاته – سبحانه وتعالى – وملائكته الكرام..
بل جعل ربنا صيد الكلب المعلم طاهراً حلالاً وغيره من الكلاب ولوغهم نجاسة مغلظة…
ولكن دعوني أقف معكم اليوم وأسمحوا لي أن أسألكم….
أسألكم يا من تصدرتم باسم (العلم)…
يا من تصدرتم للحديث في قضايا الأمة عظيمة الشأن….
يا من تحملون أمانة تربية وتعليم آحادٍ وعشرات من أمة محمد …
ألم يقل (أسألوا الله علماً نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع)
فأي علمٍ عندنا ؟!..وأي علمٍ نربي الآخرين عليه؟!..وأي علمٍ ننطلق على أساسه للإصلاح؟..
أهو العلم النافع …؟! أم هو علم لاينفع…؟!.. أم هو علمٌ نافعٌ في ذاته تحول بين أيدينا إلى علمٍ ضارٍ بنا وبمن يسير ورائنا..؟؟!!!

علم القلب

ألم يقل الحسن البصري ( العلم علمان : علم اللسان ، ! فذلك حجة الله على ابن آدم ، وعلم في القلب فذلك العلم النافع ! ثم قال : فالعلم النافع هو ما باشر القلب فأوقر فيه معرفة الله تعالى ، وعظمته ، وخشيته ، وإجلاله ، وتعظيمه ، ومحبته ، ومتى سكنت هذه الأشياء في القلب خشع فخشعت الجوارح تبعا له!) ..
بل قال (لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس ، فمن فعل ذلك ، فالنار النار !!)
فهل ما عندنا هو علم اللسان أم علم القلب..؟!!
هل أورثنا العلم كبراً فـ (بطرنا الحق وغمطنا الناس) أم أورثنا الذل بين يدي الله والإخلاص له – سبحانه – والعبودية بين يديه ؟!!

الأدب قبل العلم

أيها الكرام الفضلاء….
ألم يقل القرافي رحمه الله تعالى في الفروق : ( واعلم أن قليل الأدب خير من كثير من العلم) ، وكان عبد الله بن المبارك يقول: ( كانوا يطلبون الأدب ثم العلم ) ويقول أيضا : ( كاد الأدب يكون ثلثي العلم )
ألم يحكي الإمام مالك عن نفسه فيقول: كانت أمي تعممني وتقول لي : اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه
فهل ما عندنا من علم نعلمه للناس هو علم التواضع والأدب ولين الجانب للمسلمين مع الشدة والغلظة على الكافرين والمنافقين..؟؟!!
أم هو العلم الذي لايعرف إلا وجوب احترام وتقديس كل من يتمسح بالعلم وإذلال الناس وإهانتهم وأخذ حقوقهم باسم العلم ..!!
ثم الهروب من المحاسبة أيضاً باسم العلم..!!

العلم للعمل

أيها النبهاء المتوضئون المصلون…
ألم يعاتب الله الصحابة فقال يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ؟!
ألم يكن ذلك بعد الهجرة والإيمان؟!،وإنما كان ذلك لسؤال بعضهم عن أحب الأعمال إلى الله فأخبروا بأنه الجهاد فشق على بعضهم…
ألم يصف الله علماء بني إسرائيل بالحمار يحمل أسفاراً لما تعلموا العلم ولم ينتفعوابه…
بل قال : (يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيلقى في النار ، فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى ! فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : يافلان ، مالك ؟! ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟! فيقول: بلى ! قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه ! )
فلو قرأ رجل العلم مائة سنة وجمع ألف كتاب فإنه لا يكون أهلا لرحمة الله إلا بالعمل ، قال تعالى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}
فهل ما عندنا من العلم هو علم العمل والدعوة وحمل الإسلام في النفوس قبل حمله للناس.؟؟!!
هل هو العلم الذي يصيرنا قدوات صالحات يتعلم الناس من عملهم ومواقفهم وسمتهم لا ألفاظهم وكلامهم..؟؟!!
أنا لا أحب أن أطيل عليكم – ولعلي فعلت – ولكن دعوني ألخص ما أريد فأقول :أيها الأخوة الكرام…
العلم النافع هو ما أصلح القلب…
العلم النـافع هو ما أورث الأدب…
العلم النـــافع هو ما أثمر العمل…
أما غير ذلك فهو الأوقات تضيع والأقوالٌ تكتب علينا والحجةٌ ثقيلة أمام الله…
فكم هو نصيبنا من هذا العلم …..العلم النافع؟؟!!


التعليقات