المستنقع الليبي .. أم المستنقع التركي؟!!!

معظم تجارب تدخل الجيوش النظامية في الصراعات الداخلية تبوء بالفشل، لا سيما إذا كانت الصراعات بين الأطراف المتصارعة ايدلوجية … والتجارب التي نجحت لها حالتها الخاصة، كتجنيد المحليين لصف الجيش النظامي الغازي، واشهر التجارب في ذلك حالة الصحوات العراقية، وتجنيد الأمريكيين لهم، وبغير ذلك من أساليب تعتبر تلك الحروب مستنقعات لاستنزاف الجيوش النظامية، وحرقا لها…

وعلى هذا الاساس تم غض الطرف عن المشروع التركي في الشمال السوري والحالة الليبية، ففرض المسألة تنزلق تركيا في مستنقعان في وقت واحد، وهو ما يؤدي إلى نتائج توقعها الطرف الصامت:

  • اهلاك الجيش التركي مع ميليشيات تستنزفه.
  • التحريش بين الأتراك والروس، وهي علاقة معقدة أصلا، تتوافق حينا لمواجهة الغرب في ملفات، وتتضاد في ملفات اخرى لاعتبارات تاريخية وجيوسياسية.
  • الكشف عن القدرات الحقيقية للجيش التركي اكبر جيش في الناتو، الذي يتطور بسرعة مذهلة، وتتوارد التقارير المخابراتية على ذلك، فكان لابد من اختبار هذه القدرات على أرض الواقع.
  • تأليب الداخل على أردوغان وحزبه، بغية الوصول إلى انقلاب سياسي بعد فشل الانقلاب العسكري.

ولا أشك في أن من (سمح) و(غض الطرف) يلوم نفسه الآن على إخلاء الساحة، فجميع الاحتمالات لم تتحقق، حتى في اسوء ظروفها، وأصبح التخطيط الآن: كيف يخرج الطرف الأمريكي والغربي من المستنقع التركي؟!!

هذه هي الأسباب الحقيقية لغض الطرف الغربي والأمريكي عن التدخل التركي.. وقد كانت الاحتمالات تؤكد أن واحدة على الاقل مما سبق ستقع حتما..

ثم بافتراض إنها لن تقع وهو الاحتمال الأضعف عند راسم السياسة الغربي والامريكي؛ فإن التدخل التركي سيواجه النفوذ الروسي الذي يتطور في المنطقة، ولا تستطيع أن تحده أمريكا والغرب، بالرغم من ضعفه التقني…

ومع علم الأتراك بهذه الاحتمالات؛ إلا أنهم قبلوا المغامرة.. فهي مغامرة بالنسبة لهم لا سبيل إلى تضييعها، ومقامرة قد تغير من شكل المنطقة بالكامل، وتضع الاتراك في المنطقة بطريقة لم يكن يتوقعها أحد منذ بضعة سنوات فقط…

ونستطيع أن نؤكد أن الأتراك قد نجحوا – حتى الآن – نجاحا مبهرا مخالفا لكل الاحتمالات والتوقعات الغربية والأمربكية، واجتنبوا الألغام التي زرعت على جانبي طريقهم إلى ليبيا وشمال سوريا، بل زرعت في نفس الطريق، وظهر الأتراك كلاعب جمباز أو باليه يتحرك بكل خفة ومهارة، لينهي مستويات اللعبة واحدة بعد الأخرى، ليصل إلى مستوى (الوحش)…

ولا أشك في أن من (سمح) و(غض الطرف) يلوم نفسه الآن على إخلاء الساحة، فجميع الاحتمالات لم تتحقق، حتى في اسوء ظروفها، وأصبح التخطيط الآن: كيف يخرج الطرف الأمريكي والغربي من المستنقع التركي؟!!


التعليقات