أيها الملحنون احفظوا وقار القرآن

انتشر على مواقع التواصل فيديو لأحد الإخوة الأفاضل وعليه سيما الالتزام والخير وهو يقرأ آيات ترغب في التوبة وتقرب إليها بصوت ندي ورخيم على الجملة، ولنفس الشخص مقاطع كثيرة وتحقق نسب مشاهدات عالية للغاية، كما يتأثر بها فئام من الناس.

وكل ما ذكرت لا شيء فيه إلا وهو يدعو إلى المدح والثناء والقبول، فجزاه الله خيراً وتقبل منه صالح عمله.

المشكلة أن نفس هذه المدرسة التي تصدر منها مثل هذه الممارسات التي تجافي الفطرة وتخالف ما دلت عليه الشريعة من آداب حملة القرآن، هي نفسها التي تُبَدِع السادة الشيوخ أئمة قراء الدنيا كمصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد ومحمد رفعت وغيرهم.

لكن ما يدعو للرفض والنقد هو الكيفية التي يقوم بها نفس هذا الشخص بدعوته تلك، فهو يمسك الميكروفون ويشيح به وبيده الأخرى، بصورة تمثيلية تتجاوز أداب حملة القرآن من وجهة نظري.

ذكرني هذا بمشهد مشابه منذ حوالي عشرين سنة؛ وكان قد أثار استنكاري وعافته نفسي في مسجد رسول الله ﷺ، إذ رأيت الشيخ أبا بكر جابر الجزائري رحمه الله يتوسط حلقة من طلاب العلوم الشرعية؛ بحيث يقرأ عليه أحدهم الحديث عن رسول الله ﷺ بطريقة فيها تنغيم، وهي شائعة هناك إلى حد ما رغم الخلاف فيها بين العلماء.

والمشكلة أن الشيخ رحمه الله كان يلحن بكلتا يديه أيضاً، نعم لقد قرأت ما كتبته بصورة صحيحة، هو بالفعل كان يشيح بكلتا يديه ملحناً كما يفعل الملحنون في الفرق الموسيقية وبصورة في غاية المبالغة.

المشكلة أن نفس هذه المدرسة التي تصدر منها مثل هذه الممارسات التي تجافي الفطرة وتخالف ما دلت عليه الشريعة من آداب حملة القرآن، هي نفسها التي تُبَدِع السادة الشيوخ أئمة قراء الدنيا كمصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد ومحمد رفعت وغيرهم.

علماً أن هؤلاء القراء يتسمون بالوقار والهيبة حال قرائتهم، كما لا يخفى ما فيها من إبداع وجمال، وقد حفظ الله بها كتابه قروناً، رغم وجود عوراض جانبية مرفوضة كالقراءة في المآتم وبعض ممارسات السميعة كالضجيج ونحو ذلك.

وشعرت أنني لو قبلت هذه الصورة العجيبة ممن يبدعون ويحرمون الصورة الأخرى رغم كونها أقرب للصواب؛ بأنني قد أصاب بعاهة عقلية ما، إذ يعني ذلك في أحسن الأحوال؛ أنني سأجمع بين المتناقضين وأفرق بين المتماثلين، وفي أسوأها أن أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.


التعليقات