ما دوري؟

إنه ذلكم التساؤل الباقي ما بقي الإنسان، فدور الإنسان هو الذي يعطي حياته معناها، وبدون ذلك المعنى لا يسعد الإنسان ولو حاز جبالًا من النعم لافتقاده لقيمته الذاتية، والتي لا تتحقق بلا دورٍ مُرْضٍ.

مقومات الاكتشاف

ليست المعاناة قاصرةً على الذين يفتقدون أدوارًا مُرضيةً في حياتهم، وليست كلماتنا هذه موجهةً لاستنهاض الهمة الفردية للبحث عن دورٍ للفرد ومعنًى للحياة، لكنها موجهةٌ لأولئك الذين يملؤهم الحماس لاكتشاف أدوارهم، ولهؤلاء نقدم مقومات اكتشاف الدور الفردي كما يلي:

أولًا: الإمكانات الفردية

فقدرات الشخص التي تمثل نقاط القوة والموهبة لديه هي تلك التي يجب استثمارها في اكتشاف دوره المميز بخلاف نقاط الضعف، والتي ينبغي مراعاة ألا يكون لها تأثيرٌ سلبيٌّ هدَّام على نقاط القوة.

ثانيًا: الرغبات الشخصيَّة

فالميول النفسية للشخص ذات تأثيرٍ كبيرٍ فيما يمكن أن يقوم به وينجح فيه؛ إذ ليست العبرة بما يمكن فعله فقط من ناحية القدرات، فإنه لن يتحول إلى فعلٍ ناجح إلَّا بإرادةٍ نابعة من الاهتمام والرغبة، وكلما اجتمعت الرغبات مع الإمكانات كان ذلك أدعى للفعل وللمواصلة حتى النجاح.

ثالثًا: الظروف الواقعية

إذ تؤثر ظروف الواقع المحيط بالإنسان على دوره المرتقب من جهتين:

الأولى: الاحتياجات المُلحّة في هذا الواقع؛ لأن أهم الأدوار هو ما سدّ أكبر وأكثر الاحتياجات.

الثانية: الدعم الكافي الممكن الحصول عليه من هذا الواقع، فإن محاولة الاطلاع بدورٍ لا يجد الإنسان من يعينه وما يعينه عليه مما يقلل فرص النجاح المتوقعة لهذا الدورة.

ما بعد الاكتشاف

فاكتشاف الدور المنشود ليس إلّا المرحلة الأولى، والتي لا تكتسب قيمتها إلا بالآثار العملية المترتبة عليها، وأهم تلك الآثار العملية هي:

أولًا: التأهيل

فلكل دورٍ تأهيلٌ خاص، وبه يكون الفرد قد حصّل ما يعينه على حُسن القيام بدوره، وكلما كان التأهيل أفضل كان الأداء المنتظَر للدور المنشود أعلى.

ثانيًا: التدريب

وذلك بقدرٍ من الممارسة العملية تحت الإشراف والتوجيه ليتحقق الفرق بمستوًى عالٍ من الخبرة في أقصر فترةٍ ممكنة، وليستفيد من رصيد خبرات من سبقوه في نفس المجال.

ثالثًا: التجربة

بالممارسة العملية الكاملة، وفيها تظهر قيمة ما سبق كله. ويُختبَر في الواقع تصديقه وتكذيبه، لكن الحُكم النهائي للواقع قد لا يتأتى من تجربةٍ واحدة إنما من عدة تجارب في فترةٍ زمنيةٍ مناسبة تتيح عدة خياراتٍ للفرد بعدها.

فكلما كان اكتشاف الدور المرتقب للإنسان مبكرًا كان ذلك أعون له على حُسن الاستعداد وسرعة التأهل وجودة الأداء، وللتوفيق أسرارٌ لا يطلع عليها إلا علّام الغيوب.


التعليقات