الشعراوي شرف العمة صار في القمة

الأزهر والنيل والهرم ومليون معبد ومسجد وكنيسة، وتراب أرضنا الخصبة وجنات وعيون، وحضارتنا التي كتبت التاريخ قبل القلم واليراع، ومشايخنا وسادتنا وبيارق مصر المنصورة؛ التي توجها الشيخ العَلم الأفذ محمد متولي الشعراوي ابن دقادوس بالدقهلية؛ من أوسط دلتا النيل في مصر “مكاناً”، والذي سطع نجمه في قرابة تسعة عقود من القرن المنصرم خلا العقد الأول منه “زماناً”.

ذلك هو الشعراوي الذي أبى أن يكون “بيصار جيهانِ” أو “حاخام ساداتِ” فرفض قانون الأحوال الشخصية المشبوه وخيانة كامب دافيد المفضوحة..

ذلك الذي رفع شرف العمة حتى صارت في القمة، وكان كحائط صد عن أزهر مصر سنين طوال، فبعض الناس تحملهم المؤسسة فيرتقون على أكتافها، وبعضهم يحملونها كالأعمدة فتقوم عليهم فهم حقاً شيوخ العمود، ذلك هو الشعراوي الذي أبى أن يكون “بيصار جيهانِ” أو “حاخام ساداتِ” فرفض قانون الأحوال الشخصية المشبوه وخيانة كامب دافيد المفضوحة.

العالم الرباني المنبع، المحمدي المحتد، الصوفي التربية والسياحة، الذي برع في علم الحقائق مع تبحره في علوم الشرائع؛ والمفسر اللغوي الذي رُزق علم القرآن وتمارى الوحي في عقله وقلبه ويكأنه يتجارى بدمه، فيما أجمع عليه علماء المسلمين وعامتهم أنه فتح نوراني لدنيّ لم يدركه غيره بكثرة الطلب ولا التحصيل، والذي عزاه هو نفسه إلى كثرة الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى منَّ الله عليه فصارت له الأيادي البيضاء على طلاب الشريعة والتفسير وعلمائها في مصر وبلاد الحرمين الشريفين وبلاد المغرب قبل أن يذيع صيته فيطبق الآفاق في العالمين، ليصدق فيه قول الله تعالى: (يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار).

وصفه يوسف إدريس بأنه راسبوتين العصر الحديث ثم عاد فاعتذر، وحاول التطاول عليه كل وغد وساقط من أعداء الشريعة وأرباب العلمانية المتهافتة في بلادنا، ذلك أنه هو باب الله الذي شرفه بأن يوصل معاني الوحي ويوطد حقائق الشرع في نفوس عامة الناس والبسطاء والكبراء وكل أصناف خلق الله بسلاسة وبساطة لم يُسبق إليها ولم يُلحق بعد.

ترى ما الذي ذَكَّر المذيعة والفنان والممثل والمثلي وكل شاردة وواردة بفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله؟ هل عاد طيفه ليؤرقهم فجأة بعد عقدين من الزمان منذ وفاته؟

أثبت الإسلاميون أنهم الأصلاء وأنهم حملة الدين وأهل توقيره، فرغم خطأ الشيخ الشعراوي واشتراكه مع العلماء الأجلاء محمد الغزالي والطيب النجار -رحمهم الله جميعاً- فيما عرف “بالبيان الثلاثي” بالأزهر، بإيعاز من داخلية حسني مبارك ضد الإسلاميين والجماعة الإسلامية خاصة؛ حتى استبيحت مساجدها وقُتل أبناؤها في مسجد آدم بعين شمس ثم ما جرى في “جمهورية امبابة” وغيرها.

ومع ذلك فقد أصدرت الجماعة بعدها مباشرة مجلة التبيان تدعو له وتظهر احترامه وتوقيره كأحد رموز وعلماء المسلمين، وتحذر من استمرار استغلال النظام للحدث باغتيال الشيخ من قبل أجهزته المجرمة وإلصاق دمه بشباب التيار الجهادي.

ترى ما الذي ذَكَّر المذيعة والفنان والممثل والمثلي وكل شاردة وواردة بفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله؟ هل عاد طيفه ليؤرقهم فجأة بعد عقدين من الزمان منذ وفاته؟

أم أرادوا أن يهدموا آخر معاقلنا الصامدة الراسخة فأراد الله أن يحيي ذكرها ويعظم ثوابها فتنهال دعوات المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها تدعو لصاحب الخواطر كما جفت حناجرها من الدعاء لعقود لصاحب الظلال؟!

ترى ما شأن أهل القرآن؟ ولماذا يُبقي اللهُ ذكرهم يتفيأون ظلالها ويجولون في خواطرها مهما تطاول الزمان فلا يطوي الله ذكرهم؟

حقاً لقد صار خطر العمة في القمة بعدما رفعها الشعراوي فوق رأسه العالي.


التعليقات