الأسد والقطار

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

درج البعض في تعليقهم على مذبحة العباسية التركيز على تخطئة المعتصمين، بل والمتضامنين معهم يوم الجمعة في ذهابهم إلى محيط وزارة الدفاع، وتنوعت أساليبهم في ذلك، نلتقط منها تشبيهين: الأول لنادر بكار على الجزيرة مباشر مصر في برنامج (على مسئوليتي)، والثاني لبعض المتحاورين معي من عامة الناس..

نادر بكار شبه موقف المعتصمين والمتضامنين معهم بمن استفز الأسد في عرينه.. وبعض العامة شبههم بمن يقف أمام القطار.. يشترك التشبيهان في إيصال عدة رسائل منها: زرع الخوف تجاه المجلس العسكري صاحب القوة الغاشمة التي لا قبل لأحد بها، والتبرؤ من هؤلاء المتهورين الذين استفزوه، وأنهم يتحملون عاقبة فعلهم، وأن دورنا قد انتهى بمجرد تحذيرهم، وهذه هي نصرتهم: (أن نحميهم من أنفسهم).. مع الاعتذار للمجلس العسكري صاحب العبارة.. ويختلف التشبيهان في أن الأول أضفى (أي التشبيه) على المجلس صفة البطولة؛ فوصف الأسد وصف مدح؛ ووجه الشبه بين الأسد ومن يوصف به من البشر هو الشجاعة.. أما الثاني فنفى دور المجلس في إرادة ما حدث، فالقطار لا تثريب عليه ولا يحاسب على من ألقى بنفسه أمامه. بقي لي أمران أود أن أشير إليهما..

الأول: أن هذين التشبيهين لا يمكن توصيفهما بأي حال من الأحوال بأنهما رسالة إعلامية مضادة للإعلام الموجه من قبل المجلس العسكري الذي أراد أن يضفي على القاتل صفة البطولة، وعلى الضحية صفة الجاني الذي يستحق العقاب الغليظ.

الثاني: أن هناك كثير من المخالفين للمعتصمين في تقديرهم للأمور، اعترضوا على فكرة الاعتصام في العباسية في ظل ذلك الوضع السياسي المرتبك، إلا أن هؤلاء المخالفين تضامنوا إنسانيا مع ضحايا المذبحة، واعتبروا أنه من الخيانة الحديث عن أي شيء غير الجريمة التي ارتكبها المجلس العسكري (بالاتفاق او بالتواطؤ) ، وذلك بتقاعسهم عن حماية المعتصمين من الذبح.. ثم بالزج بمن نجا منهم في السجون على ذمة قضايا عسكرية. اللهم إني أبرأ إليك مما فعل هؤلاء.. وأعتذر إليك مما فعل أولئك.. وجزى الله الشدائد كل خير..


التعليقات