فضيلة (الثأر)!!

يستعمل الإعلام المصري منذ فترة لفظ (الثأر) في مواجهاته مع من يسميهم (أرهابيون)، وقد كنت أول الأمر أعتقد أن المفردة تم استعمالها بطريقة عفوية وفردية، إلا أن المتابع للوقائع يوقن أن استعمال هذا اللفظ يأتي بطريقة ممنهجة ومطردة، وأنه مقصود، وليس استعمالا فرديا من البعض، لا سيما مع الأدلة والقرائن المضطردة بالسيطرة الإعلامية المباشرة من المخابرات وضباطها وتوجيههم للإعلام بطريقة التلقين!

وبدلا من محاولة تقديم المتهم أو المشكوك في سلوكه إلى العدالة وحكم القانون – إن كان هناك قانون أو عدالة أصلا – تتم تصفيته مباشرة دون تحقيق أو محاكمة أو أدلة، ويتم اعتباره (مجرما) بمجرد استقرار الرصاص في جسده، وتنصب الأفراح لمقتله.

إن استعمال هذه الألفاظ سيؤدي بلا شك لإعلاء قيم التوحش والفوضى وتحويل المجتمع إلى غابة، فسلوك الدولة يؤثر على سلوك الأفراد والجماعات..

والأصل أن يتم فتح تحقيق مع كل ضابط قام باستعمال القوة – مجرد القوة – مع متهم محتمل، ويكون هو عليه أن يثبت في كل مرة أنه كان مضطرا ليس لاستعمال مطلق القوة؛ وإنما نوعها، وإذا ثبتت الرخصة في استعمال مطلق القوة، لكنها أفرط في استعمالها متجاوزا الحد الذي يدافع فيه عن نفسه كضربه رصاص في قدم المتهم أو نحوه بما لا يقتل غالبا؛ إذا تجاوز هذا الحد فهو مدان أيضا، وتجب محاكمته طبقا للقانون النظري المطبق، حتى ولو كان المصاب مجرما ثابت عليه الإجرام، فكيف بمن لم يثبت عليه ذلك بحكم قطعي؟!

إن استعمال هذه الألفاظ سيؤدي بلا شك لإعلاء قيم التوحش والفوضى وتحويل المجتمع إلى غابة، فسلوك الدولة يؤثر على سلوك الأفراد والجماعات، وهو ما يعني أن (الدولة) متمثلة في عسكرها الحاكم الحالي تريد مجتمعا فوضاويا متوحشا.

وهو المربع الذي يعتقد العسكر أنه مربعهم وملعبهم بالنظر إلى احتكارهم لوسائل البطش فائقة القوة، وبالتالي فإن مجتمع التوحش المنشود لهم هو الذي يشرع استعمالهم للقوة بكل صورها وأشكالها، حتى القوة التي من المفترض أن يكون مكانها ساحات القتال، ما يؤدي بالتبع إلى اختفاء الجانب السياسي من اللعبة، وسيادة الجانب العسكري في التعامل مع كافة القضايا، وحلها بالقوة، وهو ما يؤكد انحدار المنهج المتبع من العسكر عن منهج السادات ومبارك، اللذين كان حكمهما حكم عسكري، لكنه مشوب ومختلط ببعض السياسة، لكن الشق السياسي يقل كثيرا عند عبد الناصر، ويختفي تماما عند عصابة العسكر الحالي!


التعليقات