اللغة الوحيدة التي يفهمها الغرب هي المصالح والقوة

أذكر واقعة حدثت أثناء عملي بشركة بترول بلاعيم، وكنا على جهاز حفر بحري في البحر المتوسط تملكه شركة كرواتية. وكان عدد المهندسين والفنيين المصريين العاملين على الجهاز قليلاً بالنسبة للعمال الاجانب بشكل عام.

وفي صالة الطعام قام أحد عمال اللحام المصريين بتذوق طعام ما بالملعقة الكبيرة التي يغترف بها الجميع، لان زملائه الاسبق ضحكوا عليه بأن فيه شيء من الخنزير، فقام بتذوقه بسذاجة، هو تصرف غير صحي وغير لائق أيضاً، لكن الأخ كان مهنياً وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعمل فيها على جهاز حفر؛ إذ أن هذه الاعمال تقوم بها غالباً شركات متخصصة مستأجرة.

وعندما شاهده الطباخ الصربي قام بسبه بلغته وبالانجليزية وهدده بشيء في يده واستمر هذا لعدة دقائق.

المهم علمت بالموضوع فقمت بالاتفاق مع زملائي ومن بينهم مهندس إنتاج وهو صديق عزيز؛ قمت بتوجيه كلام شديد اللهجة لإدارة جهاز الحفر وأبلغت زميلنا الإيطالي -فقط للعلم بالشيء- فقد كنت اعرف انه لن يكترث كثيراً، ثم دعونا المهندسين فقط -وكان عددنا ستة أفراد- للإضراب التام عن الطعام على جهاز الحفر، بينما استثنينا الفنيين والعمال وعددهم يزيد قليلاً؛ من الإضراب الكامل ودعوناهم للإضراب الجزئي لفترة بسيطة.

وسبب ذلك أن الفنيين لن يستطيعوا توفير بديل وعملهم أشق منا، بينما نستطيع نحن توفير البديل الذي سيأتي مع بقية متطلبات العمل تباعاً. ثم وجهنا خطابات لجميع المدراء المصريين والإيطاليين بنص ماحدث ورد فعلنا وبأنه سيستمر ولن نتراجع عنه، إلا بالاستجابة لطلبين رئيسيين: أن يعتذر الطباخ الوقح للعامل المصري أمام الجميع كما أهانه أمامهم، وأن يتم طرده من الجهاز إلى غير رجعة.

جاء لجهاز الحفر رجل هولندي وهو المسئول عن متابعة جميع الأجهزة التابعة للشركة، وحاول التفاوض معنا لإثنائنا عن مطالبنا، وخضنا ما يمكنني أن أسميه تفاوضاً شرساً -خاصة مع تواطئ زميلنا الإيطالي- وعرضوا أن يعتذر له فيما بينهما فقط والا يتم سحبه من الجهاز؛ فرفضت ذلك وأصررت على اعتذاره أمام الجميع بعد تجمعهم في صالة الطعام، ثم ذهابه لبيته ذليلاً في اليوم نفسه!!

وعندما استيقن الجميع من صلابتنا تمت الاستجابة لطلباتنا كما فرضناها.


التعليقات