ومازالت الإدارة في السفارة

تصريح شخصي بخصوص تصريحات آن باترسون الأخيرة عن فهم الأمريكان للحالة السلفية.

قالت آن باترسون بالنص: (لم نكن نفهم دور السلفيين بشكل كامل لأنه لم يكن هناك تواصل كبير معهم).

وأحب هنا أن أذكر عدداً من الحقائق توثيقاً للتاريخ ولأنها ليست حكراً علينا كما أن فيها ما يشرفنا ولا يشيننا بفضل الله، فهذه المعلومات هي من حق أمتنا وأجيالها الحالية والقادمة.

فقد حاولت السفارة الأمريكية التواصل معنا كما فعلت مع بقية الفئات السياسية آنذاك ومن بينها الفئات الإسلامية، حيث تواصل معي شخصياً عدة مرات – ٤ مرات على الاقل- تواصل معي هاتفياً موظفون تابعون للسفارة طلباً لعقد لقاء معنا بحضور ممثل عن الخارجية الأمريكية؛ وكان أحد هذه الاتصالات يوم التظاهرة الحاشدة أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة.

وقد قابلنا طلب السفارة بالرفض في كل مرة رغم الإلحاح الشديد، ومحاولة إقناعنا بأهمية اللقاء لمصر ولنا كجبهة سلفية اعلنت عن نفسها حديثاً آنذاك، وتسويغ الأمر بأن الجميع قد تواصلوا بالفعل ووافقوا على هذه اللقاءات.

كما تواصلت معي ومع غيري مع إخواننا؛ بعض المصادر السياسية واتصلت مصادر تابعة للسفارة بي شخصياً؛ لحضور دورة في العلوم السياسية يقدمها المعهد الجمهوري التابع للحزب الجمهوري، وعقدت آنذاك في إندونيسيا لمدة أسبوع، وقد طلبوا منا ترشيح ٤ من الشباب للإفادة من الدورة شاملة لجميع المصروفات.

وقد رفضنا هذا العرض أيضاً رغم تكراره بعدها بفترة قصيرة، رغم أنهم أخبرونا بحضور شخصيات تابعة لحزب النور في كلا المرتين ومازلت أذكر اسمائها وأحتفظ بها للوقت المناسب.

إن أي تواصل مع جهات خارجية أو أجنبية بشكل مستقل ومنفرد عن الأمة والشعب والوطن وتكتلنا الإسلامي؛ هو تواصل غير صحيح وفاقد للشرعية بكل أبعادها لاستقلاله عن الأمة ومقدراتها ومصالحها..

وأذكر في هذا الإطار عدة حقائق مهمة وواجبة الذكر:

أولاً: إن أي تواصل مع جهات خارجية أو أجنبية بشكل مستقل ومنفرد عن الأمة والشعب والوطن وتكتلنا الإسلامي؛ هو تواصل غير صحيح وفاقد للشرعية بكل أبعادها لاستقلاله عن الأمة ومقدراتها ومصالحها، وهو الخطأ الجسيم الذي وقع فيه كل من اعتبر فئته وجماعته وحزبه هو الأمة فتصرف بشكل مستقل عنها.

ثانياً: إننا نعلم جيداً أن الهدف هو تحديداً ما ذكرته آن باترسون، وهو دراسة الشخصيات الإسلامية وتحديد مواقعها تماماً وهو بهذا الشكل مكسب محض للأمريكان ولا مصلحة لنا كمصريين فيه فما الداعي له؟!

ثالثاً: تقديم الحفاوة والمميزات والفائدة الحقيقية في مثل هذه اللقاءات أو الدورات، مع أجواء غاية في الراحة والحفاوة والترحاب، هو عملية تذويب في الحقيقة، تشبه إلى حد كبير ما كان يفعله المجلس العسكري مع الكوادر الثورية الشبابية من الفئات العلمانية ومع القيادات الإسلامية كذلك.

وأخيراً: فكيف يمكن أن نتعامل مع مثل هذه الدعوات بمعزل عن قضايا أمتنا ومآسيها في كل مكان، وخاصة مع علمنا التام بالدور الذي قامت به السفارة الأمريكية وآن باترسون تحديداً في مصر فترة ما بعد الثورة وما قبل الانقلاب وقد قلنا ذلك تقريباً في سياق رفضنا لما حدث، بل وأعلنته في بعض اللقاءات المتلفزة، بخصوص ما كان يجري في مصر من أحداث؛ حيث قلت بمنتهى الوضوح: “الإدارة في السفارة”.


التعليقات