لا تكن كعدوك فتقيس الحق بمنطق القوة!!

أخي.. تدبر معي (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون)..

سورة غافر سميت أيضا بسورة المؤمن لأن الله قص علينا فيها نموذج المؤمن في كل زمان ومكان ولذلك كان الكلام مصدرا بهذا الوصف (وقال الذي آمن) فحركته التغييرية نابعة من إيمانه.. بل هو اختبار صدق هذا الإيمان!

لم يواجه المؤمن فرعون بقوة عدة وعتاد وأنى له ذلك أمام جنوده الذين وتدوا ملكه (وفرعون ذي الأوتاد) ولكنه تحرك في اللحظة الفارقة..!

وهذا الخداع الإعلامي الذي يقيس الحق بمنطق القوة ويجعل المعركة سياسية بحتة بعيدا عن قضية العبودية لله والانقياد لشرعه؛ لا يبطل إلا بإعلام مضاد ولا يبطل بالقوة وحدها

إنها اللحظة التي أراد فيها فرعون أن يزيف وعي الجماهير ويخدعهم بأن الدين ما نصرته القوة واستقر في واقع الناس وأراد أن يهدم دعوة الإيمان في نفوسهم بتشويه أصحابها بأنهم يخدعون الناس بالشعارات البراقة لذا خاف على الشعب من الإرهاب والفساد المحتمل الذي قد يحدث على أيديهم (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد)..!!

وهذا الخداع الإعلامي الذي يقيس الحق بمنطق القوة ويجعل المعركة سياسية بحتة بعيدا عن قضية العبودية لله والانقياد لشرعه؛ لا يبطل إلا بإعلام مضاد ولا يبطل بالقوة وحدها؛ ﻷن القوة لو جاءت على هذه العقيدة الفاسدة لضل الناس وصاروا عبيدا لكل ملك!

لذا تحرك المؤمن ولم يملك إلا اللسان والرجولة ولكنه لسان بسلطان الحق ورجولة بزينة الإيمان (وقال رجل مؤمن) ولم يمنعه جاهه أنه (من آل فرعون) من الصدع بالحق ورد المعركة إلى أصلها وأن السبب وراء الهم بقتل موسى ليس الفساد والإرهاب وإنما لأنه أعلن أن سيده الذي يسمع له ويطيع هو الله (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله).. ولذلك فزع فرعون من هيبة الحق وسلطانه على القلوب فعارضه بذات المنطق الفرعوني (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)..!

حسم الواقع لم نؤمر أن نحدد له موعدا (إنما العلم عند الله) لكنا أمرنا بالسعي إليه وأولى الخطوات الصدع بالحق والجهاد بالقرآن

وأدرك المؤمن فزع فرعون من يقظة الناس فظل في دعوته الشفيقة لقومه يريد أن يستنقذهم من عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة.. وهكذا يجب أن نفعل!

إخوتاه..

حسم الواقع لم نؤمر أن نحدد له موعدا (إنما العلم عند الله) لكنا أمرنا بالسعي إليه وأولى الخطوات الصدع بالحق والجهاد بالقرآن (وجاهدهم به جهادا كبيرا) حتى تعقد عليه القلوب ويمتحن الناس به فتتأهل عصبة مؤمنة لأن يؤذن لهم في إقامة دينهم؛ فينتقلوا من فتنة الاستضعاف إلى فتنة أخرى هي فتنة الاستخلاف والتمكين (فينظر كيف تعملون)

إخوتاه..

كونوا كمؤمن آل فرعون ولا تلتفتوا عن دعوتكم للناس.. هذه غاية سعيكم.. يقظة الشعوب وإعلاء الحق وفضح الباطل هو نصركم الحقيقي..

الطغاة هالكون لا محالة.. فلا تنشغلوا بكيفية ذلك وموعده (بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا).

رزقنا الله وإياكم السداد في القول والعمل.


التعليقات