محرقة الحسنات

(ما دمت فعلت فهي في قاموسك)

هذه الكلمة هي حكمة اكتسبتها من الخبرة العملية، ولا أستغني عن خبرة القراء بالطبع حول الموضوع..

ففي إحدى الوقائع: سب شاب أخاه و ضربه ثم عندما راجعني فيما فعله فأخذ يبرر لنفسه أنه كان غضبانا..

فقلت له: هل كان من الممكن وأنت في حالة الغضب هذه أن تسب له الدين أو أن تكسر زجاجة وتطعنه في رقبته؟!

فقال: مستحيل.

فقلت: هل تعلم لماذا؟ .. لأنها ليست في قاموسك.. وإنما هي من المحظورات أو ما يمكن أن نسميه خط أحمر.. وعليه فما فعلته كان في قاموسك.. 

وخطورة أمثال هذه الذنوب هي تكرارها لكثرة المواقف المعيشية.. وهذا التكرار يجعل فاعلها يعتاد عليها ولا يستقبحها.. فيسقط في فخ الشيطان.. الذي يحرق حسناته..

وهذا القاموس لا يملأ بما تفعله أو تنوي فعله بالضرورة، بل قد يملأ بما يفعله غيرك ممن تخالطهم.. فما تراه من أفعال الغير من المنكرات إن لم تنكرها بقلبك وتستبشعها فيسشربها القلب.. ومن ثم تصبح مؤهلة للطفو على السطح عند الغضب.. أي أن ما نتعرض له من مواقف إنما يستدعي فقط ما تسرب إلى دواخلنا..

وتلك الحكمة تساعدك على أن تقيم الموقف والشخص تقييما دقيقا؛ فلا يمكن أن تبرر لولد استفزه أبوه أن يتجرأ على أبيه أو زوجة على زوجها.. 

وعلاوة على أن هذا دليل على قلة تعظيمه لمقام الأبوين أو الزوج، فإن هذا التجرؤ والتعدي هو من كبائر الذنوب، التي يتعامل معها المؤمن كسائر الكبائر من زنا وخمر والعياذ بالله؛ فيحدث لها توبة صادقة، واستحلال ممن تعدى عليه.. 

وخطورة أمثال هذه الذنوب هي تكرارها لكثرة المواقف المعيشية.. وهذا التكرار يجعل فاعلها يعتاد عليها ولا يستقبحها.. فيسقط في فخ الشيطان.. الذي يحرق حسناته..

فتجد الرجل أو المرأة من أهل الخير في الجملة المجتهدين في أعمال البر.. ثم هم لا يجدون آثار هذه الطاعات في إيمانهم فتجدهم مقصرين في طاعات الخلوات وخشوع القلب في الصلوات.. ولا يجدون لذلك سببا.. إذا تنبهوا لهذا الخلل أصلا.. فهذا التنبه نعمة.. 

وما يدرون أن ما يقيمون عليه من التفريط في حق الوالدين أو التعدي على الزوج أو الزوجة .. هو بحق.. محرقة الحسنات.

حفظ الله علينا وعليكم إيماننا.


التعليقات