هل يبيع الغرب عملاءه؟

أما سبب التساؤل، فهو اعتماد الكثير من العملاء عبر التاريخين القديم والمعاصر على حماية من يعمل لهم، بل وتبجح بعض هؤلاء كأمريكا اليوم بأنها تحمي عددا من الأنظمة الحاكمة في العالم من أن يتم تغييرها.

لكن العجيب حقا هو أن وقائع التاريخ المعاصر القريبة، لا تدعم هذا الوهم، فقد باعت أمريكا شاه إيران وكان من أكبر عملائها في المنطقة، كما باعت برويز مشرف بعد أن أدى دوره في باكستان وأفغانستان.

فمن يشتري لمصلحة نفسه، يبيع أيضا لمصلحة نفسه، ولا يفكر في مصلحة عميله، إلا بمقدار ما تؤثر على مصلحته.

ومن قبل أمريكا، باعت بريطانيا الشريف حسين أمير مكة بعد أن أدى دوره في الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية، كما باعت كثيرين في المنطقة واشترت من أزاحهم وحل مكانهم. حتى إن بيع العملاء يمكن أن يعتبر ظاهرة في التاريخ السياسي، بما يجعل إجابة التساؤل شبه محكمة، في سياقاتها المفهومة.

وهذا أمر منطقي، فمن يشتري لمصلحة نفسه، يبيع أيضا لمصلحة نفسه، ولا يفكر في مصلحة عميله، إلا بمقدار ما تؤثر على مصلحته. فلن تبذل أمريكا ثمنا باهظا لتحمي نظاما لم يستطع أن يحمي نفسه، بل إنها ستحرص على التعامل مع الجديد، بما يحقق لها أكبر المصالح، ما دامت غير مهددة بذلك التغيير.

إن قدرات أمريكا على التدخل بنفسها اليوم في دول العالم، ليست كبيرة، في ظل تراجع هيمنتها لصالح منافسين متعددين في العالم، وفي ظل ضعف الاستعداد الداخلي لتكرار هذه المغامرات. وليس ضعف تأثيرها على المشهد السوري إلا مثالا يوضح جانبا من جوانب هذا التراجع.

بالطبع لا ينبغي أن يفهم من كلامي انعدام تأثير أمريكا أو غيرها من القوى العالمية والإقليمية على استقرار الأنظمة في المنطقة، لكنني أؤكد على أن مجرد وهم الحماية المذكور لا يكفي للمحافظة على أي نظام مهما قدم من خدمات، وعلى أن البيع وارد كالشراء، وتحكمهما اعتبارات السوق اللحظية والمستقبلية المتنوعة.

فيا ترى، من الذي سيتم بيعه قريبا؟


التعليقات