بصائر قرآنية – نبأ الكلب !!

آيات هزتني اليوم في صلاة العشاء من سورة الأعراف : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ)..

إنه خبر عظيم يستحق أن يسمى نبأ..

عن ابن عباس: لما نزل موسى بهم -يعني بالجبارين -ومن معه، أتاه (يعني بلعام ).. أتاه بنو عمه وقومه، فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه، ذهبت دنياي وآخرتي. فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله ما كان عليه، فذلك قوله تعالى: (فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ)..

يا الله !!

بلعام ذلك الرجل مجاب الدعوة الذي كان يعلم اسم الله الأكبر.. الذي قضى حياته مع الله.. بمجرد انحيازه بالكلمة إلى (الجبارين) أصحاب الشوكة المتغلبين.. استوجب سلخ الآيات منه.. واستحواذ الشيطان عليه.. واستحقاق الغواية..

ولكن..ألم يكونوا جبارين.. وهو مستضعف؟.. ألم يكن معذورا؟
يأتيك الجواب من الله:
(وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ)..

نعم الرفعة في اتباع الآيات..
والإخلاد إلى الأرض في اتباع الجبارين.. الذي هو في الحقيقة اتباع للهوى!

(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)..
لا ينتفع بالموعظة.. بل يبرر دوما ما فعله.. ويحتال لرأيه..

العجيب أن هناك شخصية أخرى ورد ذكرها في تفاسير هذه الآيات.. المشترك بينهما كان هو الانحياز إلى (الجبارين) بالكلمة أيضًا..
إنه أمية بن أبي الصلت..

يقول الإمام ابن كثير مفسرا ذلك:

وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه، فإنه كان قد اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة، ولكنه لم ينتفع بعلمه، فإنه أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغته أعلامه وآياته ومعجزاته، وظهرت لكل من له بصيرة، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه، وصار إلى موالاة المشركين ومناصرتهم وامتداحهم، ورثى أهل بدر من المشركين بمرثاة بليغة، قبحه الله تعالى..

وهكذا.. تظل هذه الآية تعمل على مر الأزمان.. تعرفنا (نبأ الكلب) في زماننا الذي يوالي أعداء الله من (العلمانيين وأهل الكتاب) ويناصرهم ويمتدحهم ويرثي موتاهم..

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.


التعليقات