الأمن المصري والمعلومات

نظرا للصراع الشرس والممتد بين أنظمة الحكم العسكري والحركات الإسلامية في مصر، يمثل جمع المعلومات عن الإسلاميين أولوية قصوى لأجهزة الأمن السياسي. فالمعلومة من أهم أسباب القوة.

كي تحدد المؤسسة الأمنية المصرية سياسة التعامل مع أي فصيل إسلامي تسعى لدراسته وفهمه أولا، وهذا لا يتاح إلا بتجميع معلومات وافية عنه، مما يطرح تساؤلا عن ماهية المعلومات الأساسية التي تسعى المنظومة الأمنية لجمعها، وهو ما تسعى هذه التدوينة لشرحه وبيانه.

محاور حصر المعلومات

يهتم جهاز الأمن السياسي بحصر كافة محاور عمل التيارات الإسلامية لتكوين تصور واضح عن هذه التيارات يكشف عن هيكلها الإداري، وتكوينها الفكري، وقوتها العددية، وانتشارها الجغرافي، ومراكز نشاطها ، ومصادر تمويلها، وطبيعة علاقاتها ببعضها البعض أو بغيرها من التيارات الأخرى مما يساهم في توضيح عوامل قوتها وضعفها، ومراكز القوى والمفاصل الأساسية لها، وتشمل تلك المحاور المحصورة:

1- الهيكل التنظيمي

يتضمن التعرف على هوية (القائد العام – مجلس الشورى- مسؤولي اللجان وأعضائها – قادة المجموعات وعناصرها – مسؤولي الاتصال– الجناح العلني بتشكيلاته –  الجناح السري بتشكيلاته إن وُجد).

2– مراكز النشاط التي يسيطر عليها الإسلاميون

يُعنى الأمن بعمل حصر تفصيلي دقيق لمراكز نشاط الإسلاميين مثل المساجد والجمعيات الخيرية، ففي عهد مبارك وُجدت معايير لذلك وفقا للتالي:

أ ــ المساجد: يتم توصيف كل مسجد توصيفاً دقيقاً يتضمن:

-(اسمه ـ موقعه ـ الشوارع المحيطة به ـ مساحته ـ أعداد طوابقه ـ رسم كروكي له ـ صور فوتوغرافية).

– الجهة التابع لها(أوقاف – أهالي – جمعية) وأسماء القائمين على إدارته، وعما إذا كان به لجان زكاة أو تبرعات من عدمه.

-أعداد المترددين من عناصر النشاط على المسجد لأداء الصلاة، وكذا صلاة الجمعة وعما إذا كان تتم به صلاة العيد من عدمه.

-الأنشطة التي تُقام به وعما إذا كان به معهد علمي أو دورات في العلوم الشرعية أو حلقات لتحفيظ القرآن، وأسماء المشرفين على إعدادها ومواعيد الدراسة به.

-القيادات الدينية المترددة عليه لعقد دروس دينية أو ندوات أو لقاءات ومواعيد دروسهم وأعداد الحاضرين لتلك اللقاءات.

ب ــ الجمعيات الخيرية:

(اسم الجمعية- مقرها الرئيسي- المقار الفرعية- الغرض من إنشائها – اسم من يتولى رئاستها ونشاطه – المطبوعات والنشرات التي تصدر عن الجمعية – مشروعات الجمعية -علاقات الجمعية بالدول والهيئات الأجنبية).

3- مظاهر النشاط

تحصر الأجهزة الأمنية كافة مظاهر نشاط التيارات الإسلامية من فعاليات ومناشط، مع التركيز على النشاط الطلابي خصوصاً، حيث يُمثل الطلبة  الرافد البشري الأساسي للحركة الإسلامية، لذا يوجد قسم خاص بجهاز الأمن السياسي يُسمى بقسم الطلبة، يُعنى بمتابعة مظاهر النشاط الطلابي، ويشرف على إجهاض الفعاليات والأنشطة التي تقوم بها التيارات الإسلامية في الجامعات والمدارس، وعلى منع الشباب الملتزم من الإقامة  بالمدن الجامعية للتقليل من تأثيره على زملائه، ويرصد أدق مظاهر التدين التي تظهر على الشباب مثل إعفاء اللحية، وارتداء النقاب، ويُحال الإسلاميون باستمرار إلى مجالس التأديب، ويتم فصلهم لأتفه الأسباب.

4- مصادر التمويل:  تشمل(الاشتراكات ـ جمع التبرعات ـ أموال الزكاة ـ المشروعات التجارية ـ  التمويل من الخارج ).

5- الأدلة المادية المتوافرة الدالة على حركة ومظاهر النشاط ( تسجيلات ـ أوراق تنظيمية يتم الحصول عليها عبر حملات التفتيش ـ تصوير اللقاءات أو الأنشطة الرياضية).

6- علاقات التيار محل الدراسة بالتيارات الإسلامية الأخرى في نفس المحافظة، ومدى امتداد حركته للمحافظات الأخرى، وطبيعة الارتباط ومظاهره.

7- حصر بمصادر الأمن في كل تنظيم أو بؤرة (تقييم المصدر ـ تاريخ بداية تعاونه ـ مستواه التنظيمي).

بعد أن تحصر الأجهزة الأمنية كافة محاور العمل السابق ذكرها تبدأ في تجميع مكثف للمعلومات عن هذه المحاور، ويتم هذا التجميع المعلوماتي بطريقة منهجية احترافية تشمل (الاختراقات والمراقبات والمداهمات والتحقيقات والاستدعاءات) ومن ثم يتم فرز المعلومات المتحصل عليها وتحليلها ودراستها وتصنيفها وأرشفتها حسب نوعها وأهميتها،  ثم تقديم توصيات لكيفية الاستفادة منها وتوظيفها.

ملفات المعلومات

تُفرغ المعلومات التي تم جمعها في “ملفات” لتسهيل حفظها والاستفادة منها، وتنقسم  تلك الملفات إلى نوعين:

1- الملفات الشخصية

تحتوي على المعلومات الأساسية عن كل عنصر من عناصر النشاط الديني مثل (صورة فوتوغرافية – الاسم الرباعي – تاريخ الميلاد- العمل- المؤهل – محل الإقامة السابقة واللاحقة- الأسماء الحركية – اسم الزوجة- الهاتف- الانتماء والمركز التنظيمي – درجة الخطورة- تقييم الشخصية – الأوصاف والعلامات المميزة مثل “الطول والوزن ولون الشعر والعينيين” – الدول التي تردد عليها ـ القضايا السابق اتهامه فيها أو التي تم فيها اعتقاله – آخر المعلومات المتوافرة حياله).

ولتكوين صورة صحيحة ومتكاملة وغير مجتزئة يُراعى أن يكون هناك أكثر من 3 تقارير متابعة لنشاط العنصر في موضوعات أو وقائع مختلفة تتناول معلومات مؤكدة.

2- الملفات التحليلية

تُعنى بدراسة جماعة أو تيار معين، وتحتوي على (جذور النشأة ـ الأيدولوجية ـ أسلوب التجنيد والاتصال ـ مصادر التمويل ـ مراكز النشاط ـ الانشقاقات ـ عوامل القوة والضعف).

وعقب ما سبق تحدد الأجهزة الأمنية سياسة التعامل مع التيارات الإسلامية محل الدراسة، سواء بالدعم أو الاستئصال أو الاضعاف والتهميش وفقا للسياسة العليا المرسومة من قبل النظام العسكري الحاكم.

المصادر:

أحمد مولانا – كتاب (العقلية الأمنية في التعامل مع التيارات الإسلامية)

محمد فاروق كامل – كتاب (المعلومة الأمنية)- ط. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية.


التعليقات