قراءة في تجربة حركة “حسم” والتصفيات الأخيرة

ظهر اسم حركة “حسم” إثر إعلانها في 17/7/2016 مسئوليتها عن اغتيال رئيس مباحث طامية بالفيوم الرائد “محمود عبدالحميد” ومرافقه أمين الشرطة “سيد عبد العاطى”.

القصاص والثأر لا يمثلان استراتيجية متكاملة إنما هم في الحقيقة رد فعل وبينما يتحدث أبو الاستراتيجية الغربية الحديثة كلاوزفيتز عن استهداف مراكز ثقل الخصم، وعدم تبديد الجهد في أعمال ثانوية

ثم توالت عمليات الحركة فبلغت حتى اليوم 15 عملية أسفرت عن مقتل 27 من عناصر الشرطة، ولم تقتصر عملياتها على استهداف عناصر الشرطة بل شملت بعض القضاة مثل النائب العام المساعد زكريا عبدالعزيز، والمستشار أحمد أبوالفتوح، فضلا عن المفتي السابق علي جمعة، وشمل النطاق الجغرافي لعملياتها 7 محافظات.

سأسعى لتحليل جوانب الضعف في أداء الحركة بشكل موضوعي مختصر في النقاط التالية وفقا للمعلومات المتاحة من بيانات الحركة والتفاصيل التي تكشفها لائحة الاتهام في قضية حسم:

أولا: انبثقت الحركة من رحم جماعة الإخوان دون أن تحظى بترحيب من قبل القيادات التاريخية للجماعة، فضلا عن مخالفة الحركة لخيارات الجماعة التي تم ترسيخها منذ إعادة بنائها الثاني في السبعينات، وهو ما يمثل اشكالية للحركة يمكن تلخيصها في أمرين:

أ- عدم حيازتها للدعم من قبل الجماعة مما ينعكس على أوضاعها المالية ومحدودية تأثيرها الإعلامي، ويحد من حجم البيئة الحاضنة لها التي تمدها بعناصر تجعلها قادرة على مواصلة العمل والنشاط.

ب- وضوح خريطة البنية التنظيمية لجماعة الإخوان لدى الأجهزة الأمنية يساعد على سرعة الإمساك بأغلب عناصر حسم، نظرا لأن أغلبهم انتموا سابقا لجماعة الإخوان، وبالتالي يحقق اسلوب التوسع في الاشتباه والاعتقالات الجماعية للمحسوبين على الإخوان نجاحات في الوصول لخيوط عن منفذي العمليات وبالأخص في الأقاليم.

ثانيا: ضعف فعالية مجموعات الحركة مقارنة بتنظيمات أخرى أصغر وأقل في الامكانات مثل أجناد مصر، إذ سقطت عدة مجموعات للحركة في يد الأجهزة الأمنية عقب تنفيذها عملية أو اثنين فقط، مثل مجموعة دمياط التي سقطت مباشرة بعد تنفيذها لحادث تفجير عبوة ناسفة قرب نادي شرطة، والمجموعة التي نفذت حادث تفجير كمين بجوار مسجد السلام بالهرم، والمجموعة التي نفذت محاولة استهداف النائب العام المساعد، والمجموعة التي استهدفت علي جمعة، فضلا عن سقوط قطاع الغربية والبحيرة التابع للحركة بالكامل وتصفية معظم قياداته وعناصره مؤخرا بغض النظر عن مزاعم الداخلية بمقتلهم في اشتباكات أو روايات المنظمات الحقوقية عن تصفيتهم بعد اعتقالهم.

النظام الانقلابي استنفذ جهوده في القمع، لذا لجأ للحل الأخير الذي تنتهجه الأنظمة القمعية حين تفشل في كبح جماح العنف المتصاعد ضدها، والمتمثل في التصفية البشرية وفق معادلة خلاصتها كل قتيل من عناصر النظام يقابله تصفية العشرات من خصومه

ثالثا: القصاص والثأر لا يمثلان استراتيجية متكاملة إنما هم في الحقيقة رد فعل وبينما يتحدث أبو الاستراتيجية الغربية الحديثة كلاوزفيتز عن استهداف مراكز ثقل الخصم، وعدم تبديد الجهد في أعمال ثانوية، نجد أن عمليات الحركة تستهدف في معظمها عناصر الشرطة سواء في الأكمنة الثابتة والمتحركة أو الدوريات الأمنية، مما يسفر عن خسائر يسهل على النظام تعويضها، بينما تتعرض الحركة بالمقابل لخسائر كبيرة يصعب عليها تعويضها، وهو ما يعني أن معركة الاستنزاف الحالية ان استمرت بنفس الوتيرة لن تكون في صالح الحركة.

رابعا: النظام الانقلابي استنفذ جهوده في القمع، لذا لجأ للحل الأخير الذي تنتهجه الأنظمة القمعية حين تفشل في كبح جماح العنف المتصاعد ضدها، والمتمثل في التصفية البشرية وفق معادلة خلاصتها كل قتيل من عناصر النظام يقابله تصفية العشرات من خصومه مثلما حدث مؤخرا بعد مقتل مجند شرطة بالفيوم، إذ أعلن الأمن تصفية عشرة من الشباب بنفس المحافظة تشير الدلائل إلى تصفيتهم بعد اعتقالهم، وهذا نهج استعمله الفرنسيس في مصر وفقا للجبرتي، واستعمله النازيون في البلاد التي سيطروا عليها، وهذا النمط يحقق نجاحات ضد التنظيمات المحدودة بينما يولد ردود فعل انتقامية في حالات أخرى، فبمعايير الربح والخسارة هل حقق تبني الحركة لحادث الفيوم الأخير نتائج إيجابية؟ أم سلبية؟ إذ مقابل مقتل مجند شرطة لا يتأثر النظام لمقتله، سقط عشرة شباب محسوبين على التيار الإسلامي عموما، أو محسوبين على الحركة وفقا لمزاعم الداخلية.

الخلاصة إن دراسة التجارب السابقة والشبيهة ورسم استراتجيات سليمة أمور تساهم في تجنب خوض غمار تجارب خاسرة.


التعليقات