صراع السيادة والقيم

يدور صراع بين منظومتنا الحضارية الإسلامية والمنظومة الحضارية الغربية المعاصرة؛ أيهما يسود.

وهذا الصراع هو في حقيقته صراع السيادة في جميع نقاط التماس؛ بدء من حتمية الخلافة ومرورا بأحقية الجهاد والحدود خاصة حد الردة وانتهاء بقضايا المرأة وحرياتها المفقودة المزعومة..

فالغرب قامت حضاراته المعاصرة على إعادة إنتاج الإمبراطوريات كالكتلة الشرقية والغربية ثم الولايات المتحدة الأمريكية ثم الاتحاد الأوربي وغيرها، وهي اندماجات أممية كاملة تقوم على تشابهات أقل من تشابهات أمتنا وتشكل اتحادا كونفدراليا يتحرك بثقل سياسي واقتصادي وعسكري هائل وموحد ..

ومع ذلك يستنكر ويستبشع فكرة الخلافة جدا من حيث المبدأ !!، بل ويشكك فيها كحقيقة تاريخية لا تقبل النقاش أصلا !!

القضية إذن هي صراع على القيم وسيادتها.. فهو يريد إعلاء ألوهية الإنسان الغربي وتقديس منظومته القيمية المخترعة حديثا؛ أمميا وقوميا في مقابل الخلافة، وعسكريا في مقابل الجهاد، ووطنيا في مقابل العقيدة، وغرائزيا في مقابل حكمة الشريعة.

والغرب قتل مئات الملايين في تاريخه الحديث فقط؛ إن تغاضينا عن مخازي التاريخ القديم، بل وأباد شعوبا بأكملها لا أنه احتلها فحسب وأبقى عليها، ومازال يفعل كل يوم دون تثريب ولا حريجة.

ومع ذلك يستنكر فكرة الجهاد التي فتحت العالم القديم فحررت الأمم وأنارت سبيلها بشريعة الله دون غصب أو قصر، وأقامت أكثر من 1500 عاصمة وحاضرة مازالت هي أعظم حواضر الدنيا إلى اليوم، بل ويعد الغرب هذه الفريضة؛ إرهابا وإجراما ولو دفاعا عن النفس والأرض والثروات والأعراض؛ وهم أصلا لم يتركوا لنا سواه !!

والغرب يطبق أحكام الإعدام في قضايا متفاوتة كالتي يسميها الخيانة العظمى مثلا، وهي تهمة التجسس على الوطن الإقليمي، أو بمعنى آخر باعتبارها “ردة” وطنية أو قومية.

ومع ذلك فحد الردة جريمة خطيرة وإكراه للناس على الدين إلى غير ذلك من الترهات والأكاذيب.

والغرب يصرح بدور البغاء رسميا وعلانية ويعرض جسم المرأة سلعة في معارض عالمية يسمونها دور الموضة والأزياء، ويجعلها المادة الخام لأي جذب للزبائن أو دعاية أو إعلان، وهي مادة التشويق والإثارة في جميع الفنون والدراما والرسوم، بل ويتاجر بها متاجرته بالأبقار الهولندية في أسواق حقيقية للنخاسة وليس ذلك فقط في روسيا وجنوب شرق أسيا وإنما في أوربا نفسها وأمريكا ذاتها.

ومع ذلك يتحدثون عن حجاب المرأة وسفر المرأة بدون محرم وتعدد النساء إلى غير ذلك من القضايا؛ وهي لعمر الله أشرف مقصدا وأنبل غاية وأهدى سبيلا ..

القضية إذن هي صراع على القيم وسيادتها ..

فهو يريد إعلاء ألوهية الإنسان الغربي وتقديس منظومته القيمية المخترعة حديثا؛ أمميا وقوميا في مقابل الخلافة، وعسكريا في مقابل الجهاد، ووطنيا في مقابل العقيدة، وغرائزيا في مقابل حكمة الشريعة.

فقط هي نظرية أبي سفيان ممثلا عن المجلس الجاهلي الأعلى حين نعق: (اعل هبل)، (لنا العزي ولا عزى لكم) ، (يوم ببوم بدر). في مقابل عمر ممثلا منتدبا من رسول الله عن شريعة رب العالمين حين صرخ مجيبا: (الله أعلى وأجل) ، (الله مولانا ولا مولى لكم) ، (لا سواء؛ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار).

وفي هذا الإطار فقط تنبغي مناوشة القوم ومجالدتهم لا في تفريعات وتشعبات وتشققات تساهم في تمييع الرؤية وتضييع القضية وإضفاء الوجاهة على وجه الجاهلية العفن الجبان.


التعليقات