فوز العدالة والتنمية  فرحة للإسلاميين مشوبة بالحذر

فاز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات البرلمانية التي أجريت أمس 1 نوفمبر بنسبة حوالي 49.5% من إجمالي عدد الأصوات، أي بزيادة حوالي 8.5% عن الانتخابات التي أجريت في يونيو الماضي،

ورغم أن هذه هي أعلى نسبة تصويتية يحصل عليها الحزب في تاريخه ، إلا أن عدد المقاعد هو الأقل منذ توليه السلطة عام 2002 ، والسبب في ذلك كما هو معلوم نجاح حزب رابع (وهو حزب الشعوب الديمقراطي) في دخول البرلمان.

وقد ذكرت في مقال سابق رجحان احتمال إعادة الانتخابات البرلمانية التركية بعد عدم تمكن الحزب الحاكم من الحصول على عدد من المقاعد التي تؤهله لتشكيل الحكومة منفردا.

وبعدما استشعر الشعب التركي خطر استمرار الأوضاع على ما هي عليه من عدم وجود حكومة مستقرة..
عاد وأعطى ثقته لحزب العدالة والتنمية الذي أسسه رجب طيب أردوغان ويترأسه حاليا أحمد داود أوغلو بعد نجاح أردوغان في انتخابات الرئاسة التركية 2014.

ورغم الفرحة العارمة التي اجتاحت ربوع الإسلاميين في شتى بقاع الأرض (وحق لهم أن يفرحوا) نظرا لما يمثله هذا الانتصار من استمرار حكومة داعمة لقضايا المسلمين عموما ، خاصةً وقد أعلن داود أوغلو في أول كلمة ألقاها مساء أمس “أن سياستهم الخارجية لن تتغير” فضلا عن إيواء تركيا لملايين من المضطهدين والمظلومين والمهجّرين من بلادهم ، لكن تبقى هذه الفرحة مشوبة بالحذر للأسباب التالية:-

1- نسبة النجاح لم تكن كبيرة بحيث يتمكن الحزب من إجراء تعديلات على الدستور ، حيث حصل الحزب على 49.5% تقريبا ، وهو ما يؤهله للحصول على حوالي 316 مقعد داخل البرلمان (حوالي 57% من المقاعد) ، في حين أنه كان بحاجة إلى 330 مقعد على الأقل حتى يتمكن من ذلك.

2- السعي الحثيث من قوى إقليمية ودولية لإفشال حزب العدالة والتنمية وإعاقته عن تحقيق أي تقدم ملحوظ على المستوى الاقتصادي ، وذلك عن طريق تغذية الأعمال الإرهابية داخل تركيا والتي كان أبشعها تفجيرات أنقرة الأخيرة ، مما يعني ازدياد الاحتياطات الأمنية على حساب السياحة خصوصا والاقتصاد عموما.

3- كثرة الضغوط الداخلية على الحكومة لتقليل الامتيازات التي منحتها للاجئين السوريين والعراقيين والمصريين خلال الفترة الماضية ، وهو ما قد تستجيب له الحكومة بنسبة ما حتى لا يؤثر ذلك مستقبلا على استقرار الأوضاع داخل تركيا ، وفي المقابل أشعر بأن الاستغلال السيء لهذه الامتيازات من المهجّرين سيكون له أثر كذلك في استجابة الحكومة لهذه الضغوطات.

4- التهديدات الكردية بسبب استشعارهم أن نتيجة هذه الانتخابات غير معبرة بشكل حقيقي عن نسبتهم داخل المجتمع التركي، وهو ما قد ظهرت بوادره باشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين أكراد في ديار بكر فور إعلان النتائج الأولية للانتخابات.

ورغم هذا الحذر الذي يشوب هذه الفرحة إلا أن الأمل في الله كبير لتخطي كل العقبات.

وفي النهاية: لا يسعني إلا أن أقدم التهنئة لتركيا (رئيسا وحكومة وشعبا) على هذا النجاح الباهر في إجراء العملية الانتخابية بمشاركة أكثر من 87% ممن لهم حق التصويت، كما أتمنى لحزب العدالة والتنمية التوفيق والسداد لما فيه الخير لهم وللمسلمين في كل مكان.

والله من وراء القصد


التعليقات