أثر البيئة العلمية و السياسية والجغرافية و الجانب النفسي على الخيارات الفقهية

فقهاء المذاهب على تضلعهم العلم و رسوخ أقدامهم وتعمقهم فيه إلا أن أثر النشوء في المذاهب يظل يلازم اختياراتهم الفقهية فيكون خروجهم عن المذهب محدودا.
وعندما وقع الخلاف بين جند الشام وجند العراق ، تبنى كل فريق منهما جملة من الحجج الشرعية لموقفه السياسي ، فشاع في كل فريق هذه المسوغات و الحجج.
حتى عند وجود الدليل الصريح ” تقتلك الفئة الباغية” وأول تأويلا فاسدا ” قتله من أخرجه” شاع هذا التأويل بين جند الشام فلم يخرج منهم بعد وجود الدليل إلا القليل . الشام ولأنها بلاد الخلفاء الأمويين شاع فيها منع الخروج على الإمام بالسيف. لذا نقل ابن تيمية ” الشامي” الإجماع على منع الخروج بالسيف تأثرا بهذه البيئة. في حين أن فريق من فقهاء العراق ” أبو حنيفة” وفقهاء المدينة ” مالك” كانوا يؤيدون الثورات .

الماوردي في الأحكام السلطانية يجوز استخلاف الإمام أبناءه ويجعلها طريقة شرعية من طرق انعقاد الإمامة متأثرا بذلك بالواقع السياسي المفروض.

في الحركة الإسلامية المعاصرة نجد أنه تشيع اختيارات معيني لبعض مسائل الاجتهاد في النوازل المعاصرة في طوائف من أبناء الحركة الإسلامية دون أخرى. فان كان غالبية التيار ” السياسي” يرى جواز استخدام آليات الديمقراطية، ودخول الانتخابات في ظل منظومة جاهلية، فان غالبية التيار الجهادي يمنع من ذلك وهذا التمايز بين الفريقين في هذه المسألة الخلافية لا يرجع بصورة كاملة لقناعات شرعية أكثر من كونها أثرا للبيئة الفكرية المحيطة و الطبيعة النفسية و النمط العقلي الغالب في كل فريق .

إن فصل تأثير البيئة الاجتماعية و المدرسة الفقهية أو الفكرية و الظروف السياسية و الموطن الجغرافي و الطبيعة التضاريسية بل وحتى الجانب النفسي عن اختيارات الاختلاف في الاجتهادات الفقهية .


التعليقات