تشويه للدين … واحتواء للشباب

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

– الدعوة للخنوع والخضوع للطغاة والمتسلطين دعوة قديمة، إلا أن الإصرار على نسبة هذه الدعوة لأهل السنة ولسلف الأمة لهو العجيب حقاً، وهذا الأمر يُذَكرني بما صنعه الشيعة الروافض عندما نسبوا ضلالاتهم وانحرافاتهم لأهل البيت، ووجه الشبه هو نسبة الباطل لأناس أصحاب مكانة في قلوب عامة المسلمين.

وفي ظني أن أعداء ديننا يريدون إظهار (رفض الظلم، والاعتراض على الجور، والبحث عن العدل والحق) على أنها أمور مصادمة للشريعة، رغم أنها أمور محببة إلى النفوس بل ومرتكزة في الفِطَر، وأصحاب هذه الدعوى يساعدونهم في بلوغ غايتهم،، فيبحث الناس عن ما يُشبع رغباتهم بعيدا عن الدعاة إلى الله، ويرتموا في أحضان دعاة الليبرالية أو الاشتراكية أو غيرها من الدعوات الضالة التي وجدوا فيها بغيتهم (ولو في هذا الأمر فقط)، فضلا عن تشويه الدين عند العامة، مما يكون له كبير الأثر في تعطيل مسيرة التمكين للإسلاميين.

لذا..
– أرى لزاما على الدعاة إلى الله أن يكثروا من الحديث عن وجوب العدل مطلقا وحرمة الظلم مطلقا (في حق الحاكم والمحكوم)، {إن الله يأمر بالعدل} مُطلقًا بلا قيد ، {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى} أي: اعدلوا حتى مع من تبغضونهم وتكرهونهم ، وفي المقابل {ولا يظلم ربك أحدا} ، {والله لا يحب الظالمين} ، “يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما ، فلا تظالموا”؛
كما أن النصوص الواردة في شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (عامةٌ) لم تفرق بين من ينبغي أمره أو نهيه ، فلابد من أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر “إن الناس إذا رأوْا الظالم ثم لم يأخذوا على يديه ، أوشك الله أن يعمهم بعقاب” ، وحديث السفينة المشهور واضح الدلالة كذلك.

– كما أرى أهمية الكلام عن واجبات الحاكم في الشريعة والمقاصد العظيمة من وجوده (كإقامة الحدود ورد المظالم ونشر العدل) والتي تساعد في استقرار الأوضاع واستتباب الأمن ، ورحم الله من قال:
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها .. فكيف إذا الرعاة لها الذئاب.

* أما دعوى أن هذا هو مذهب أهل السنة وسلف الأمة في التعامل مع أئمة الجور، فهو كلام مبتور عن السياق لا يتوافق مع ما اشتهر عن أئمة أهل السنة من الوقوف في وجه الظلمة من الحكام والولاة، وأذكر هنا تقسيم الحافظ ابن حجر لمن خرجوا على حكامهم حيث قال: [قسمٌ خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية، فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء فيهم شبهة أم لا وهم البغاة …] (فتح الباري ١٢ / ٢٨٦) ، كما أذكر كلام القرطبي عند تفسير (الآية ٣٠ من سورة البقرة) المسألة السادسة عشرة حيث قال: [… فإن كان الامام فاسقا والخارجي مظهرا للعدل لم ينبغ للناس أن يسرعوا إلى نصرة الخارجي حتى يتبين أمره فيما يظهر من العدل] بما يعني إمكانية نصرة الخارج على الظالم الفاسق إذا ثبتت عدالة الخارج ، وهذان النقلان ينقضان دعاوى الإجماع التي يتم نقلها في هذه المسألة من أساسها.

– وختاما أقول للذين لا يتكلمون إلا بما ينصرون به هؤلاء الظلمة والمجرمين: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}، فلقد وجدنا من أهل العلم من يتكلم في المفاسد المترتبة على الخروج على الحكام، لكننا لم نجد منهم من أفنى حياته في نصرتهم والدفاع عنهم ، وأني للمنتسبين للعلم أن يفعلوا ذلك ورب العزة تبارك وتعالى يقول: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تُنصرون}
والله من وراء القصد


التعليقات