السيسي يدعو للـ “انقلاب” على الإسلام .. ويغرّد ترانيم المحبة بـ الكنيسة

قائد الانقلاب يدعو لـ “ثورة دينية”

تسببت تصريحات قائد الإنقلاب العسكري “عبد الفتاح السيسي” في احتفال ذكرى المولد النبوي الشريف؛ في حالة كبيرة من الجدل في الأوساط الدينية وأخرى من السخط في الأوساط الشعبية، حيث دعى “قائد الإنقلاب” مشايخ وعلماء الأزهر إلى مراجعة النصوص الدينية “المقدسة” ووصفها قائلاً :”هناك نصوص دينية نقدسها من مئات السنين تعادي الدنيا كلها” ، وأضاف “النصوص التي نقدسها تدفع بالأمة أن تكون مصدر للقلق والقتل والتدمير”، وطالب بقيام ما وصفه بـ “الثورة الدينية” تهدف إلى مراجعة وتصحيح هذه النصوص المقدسة؛ التي أصبح الخروج عليها صعب، على حد تعبير قائد الانقلاب.

استنكار علماء وفقهاء الدين

أصدرت جبهة “علماء ضد الانقلاب” بيانًا، استنكرت فيه تصريحات “قائد الانقلاب” عن الإسلام، وطالبته بمراجعة عقيدته بعد تلك التصريحات، كما طالبت علماء الأزهر ببيان موقفهم منها .

وفي سياق متصل ، أكدت “الجبهة السلفية” أن خطاب قائد الانقلاب؛ “يثبت للعالم كافة ولعموم المسلمين والمصريين أن المعركة على الإسلام نفسه، وقد آن الأوان لتنتبه الأمة أن قضية الوطن ليست سياسية لا دخل للدين فيها كما صوروها ليخرجوها عن سياقها”،وأضافت “هذه ليست البادرة الأولى فكل قرارات النظام ومساراته تصب في هذا الاتجاه، لكن هذا التصريح يعد من أوضح التصريحات المسيئة لدين الله وقد صدرت من رأس النظام بنفسه وليس من بعض الدمى التابعة له”.

وأشار بيان الجبهة السلفية إلى أن “ما قاله السيسي وما يفعله نظامه يؤكد أن رفع راية الإسلام في هذه المرحلة هو فرض عين على كل مسلم فهو من مقتضيات الوعي بطبيعة المرحلة، كما لا يغني رفع شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية عنها بل هو جزء منها ولا قيمة لها إلا إذا خرجت من مشكاته” وأضافت “المعركة الآن ضد العقيدة الإسلامية وهذه آخر معارك هدم الدين الإسلامى بعد مسخ الهوية ومحو الشريعة فلم يتبقى إلا العقيدة ليعلن المندوب الصهيوأميريكى الحرب عليها”.

ووصف الدكتور محمد الصغير “مستشار وزير الأوقاف سابقا” في لقاء على قناة مكملين الفضائية، تصريحات “قائد الانقلاب” بأنها دعوة للإنقلاب على ثوابت الدين، وأضاف ” قائد الانقلاب يدعو إلى “ثورة دينية” وهو لا يعرف معنى الثورة ، وإنما يعرف فقط الانقلاب”، وأضاف بأن تصريح “قائد الانقلاب” حول عداء المليار ونصف مسلم لسكان العالم ؛ هو إهانة للمسلمين حيث يتهمهم بالارهاب ، في محاولة لغمز عقيدة الجهاد وتصوير المسلمين على أنهم مجموعة من القتلة”، وقال ” أن لمثل هذه التصريحات الأثر البالغ على المسلمين المتواجدين بالغرب، حيث تستعدي الحكومات عليهم”.

وسخر الدكتور محمد عبدالمقصود “نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح” من التناقض الذي حمله خطاب “قائد الانقلاب”، قائلاً: “كيف يخرج “السيسي” في احتفاله بذكرى مولد النبي الشريف؛ ليطالب بالتمرد على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم !”، وأضاف أن مثل هذه التصريحات هي “كفر بواح” ، وتحمل افتراءاً على المسلمين بالكذب ، ووجه رسالة إلى مشياخ وعلماء الأزهر متسائلاً:”ماذا أنتم فاعلون ؟!”.

وقال أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية “وصفي أبو زيد” ، “أن خطاب السيسي جاء صادما لمشاعر المسلمين في المشرق والمغرب، واتضحت من خلاله هويته وخلفيته”.وأضاف “هذا كلام لا يقول به إلا جاهل بالمسلمين ودينهم وبتاريخهم وحضارتهم التي وسعت البشرية جميعا حين حكمت”.

مشايخ العسكر ومحاولات التصحيح وراء السيسي

حاول عدد من “مشايخ العسكر” أن يصرفوا تصريحات “قائد الانقلاب” عن ما حملته من معاني وألفاظ صريحة، وتأكيدهم أن “السيسي” لم يقصد النصوص “المقدسة” وأنما قصد النصوص الاجتهادية والتراثية.

فقال الشيخ فوزي الزفزاف، وكيل الأزهر السابق، أن السيسي يقصد بدعوته الإصلاحية غربلة التراث واستبعاد ومراجعة ما قد لا يواكب ظروفنا الحالية والابتعاد عن الجمود.

وقال مظهر شاهين، إمام مسجد عمر مكرم، “إن الثورة الدينية التي يقصدها السيسي مرتبطة ببعض الآراء والاجتهادات الموجودة في كتب التراث والتي يضفي عليها البعض قداسة خاصة، في حين أنها تحتمل الخطأ والصواب وقد تحوي فتاوى تكون مرتبطة بحدث معين وبسياق تاريخي معين”.

وأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، “أن السيسي يقصد الكتب التراثية التي تتضمن مفاهيم ومعتقدات ليس لها نص صريح أو قاطع من القرآن الكريم والسنة”، مضيفاً في تصريح غير مسبوق ؛ “أن هذه الكتب للأسف يتم تدريس بعضها في الأزهر مثل أحكام الجزية والرق والسبي والغنائم والجهاد وبعض أحكام المرأة.

تنافس مؤسسات الدولة الدينية في استجابة الدعوة

وزارة الأوقاف

تسارعت وتنافست مؤسسات الدولة الدينية في الاستجابة وتلبية دعوة “قائد الانقلاب” فور انتهاء خطابه المشين . ففي أول استجابة لدعوة “السيسي” بـ “الثورة الدينية”، دعت وزارة الأوقاف المصرية اجتماعاً عاجلاً لبحث التنفيذ.

وقد كشف مصدر مسؤول بوزارة الأوقاف المصرية لوسائل الإعلام عن “أن اجتماعاً موسعاً سيعقد، بمقر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، برئاسة “وزير الأوقاف الانقلابي” محمد مختار جمعة، لمناقشة آليات تجديد الخطاب الديني ودراسة توجيهات السيسي في كلمته بذكرى المولد النبوي، والإعداد لصالون ثقافي حول تجديد الخطاب الديني.

مشيخة الأزهر

ففي الأزهر قال عباس شومان، وكيل الأزهر :”إن شيخ الأزهر وجه فور انتهاء خطاب السيسي، بتنفيذ ما جاء فيه، مشيرًا إلى أن الأزهر بدأ بالفعل خطوات تصحيحه بدأها بإصلاح مناهج التعليم قبل سنة”.

دار الافتاء

أعلنت دار الإفتاء المصرية، على لسان الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، تبنى دار الإفتاء المصرية للدعوة، التى أطلقها “عبدالفتاح السيسى” لتجديد الخطاب الدينى، وأضاف “أن استجابة الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، لدعوة السيسى، بدأ بإصدار توجيهاته للعاملين فى جميع قطاعات دار الإفتاء بالسعى لتقديم مزيد من الخدمات الشرعية والإفتائية بصورة عصرية تناسب الواقع المعاش”.

مجمع البحثو الإسلامية

أعلن مجمع البحوث الإسلامية عن تدشين أول “قناة بث مباشر” علي موقع التواصل اليوتيوب يطلقها خلال هذا الأسبوع في إطار خطة الأزهر لتجديد الخطاب الديني ومكافحة التطرف والارهاب استجابة لدعوة “قائد الانقلاب” عبد الفتاح السيسي.

انقلاب “إعلام الانقلاب” على المؤسسات الدينية

على الرغم من أن المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر سارعت إلى تطبيق ما دعى له “قائد الانقلاب”، إلا أن الإعلام انقلب بشكل مفاجئ عليها، مستغلا تجرؤ قائد الانقلاب على النصوص الدينية، ودعوته إلى ما وصفها بـ”ثورة دينية”، وهاجم الإعلام “الأزهر” رغم تأييد مشايخه وعمائمه المطلق للعسكر .

فقال يوسف الحسيني -على قناة أون تي في- “انتو أوصياء علينا يا جماعة ما تخليكم أوصياء على نفسكم دة بس أولا، بالإضافة إلى تطهير الأزهر من الإخوان وتطوير المناهج الدراسية داخل الأزهر”.

فيما قال الصحفي إبراهيم عيسى– على قناة “أون تي في”- ” إن الأزهر لا يتواني عن تكفير الأدباء والعلماء”، مستغربًا” لماذا لم يكفّر داعش؟”، وقال إن :”الأزهر لم يعلن داعش كافرة، بسبب أنه يكفّر من يتخالف مع مشايخه ويعارض أفكاره”، مضيفًا “إذا نظرت لكتاب الأزهر بالصف الثالث الثانوي سنجد أن منهج داعش موجود في الكتاب، ويدرسه الأزهر لطلابه، فكيف يختلف الأزهر مع داعش؟”.

وتابع تهكمه من مناهج الأزهر قائلا: “لماذا نغضب من طلبة الأزهر إذا خرجوا علينا وحرقونا إذا رأووا أننا كفرة من وجهة نظرهم وهذا ما يدرّسه لهم الأزهر في الثانوية العامة؟ ما سيحدث في ظل وجود المسئولين الإخوانيين الحاصلين على مناصب عليا في الأزهر الشريف”.

واستمر الهجوم والتجرؤ الإعلامي على عقائد المسلمين، حيث سخرت الإعلامية “مها بهنسي” من عذاب القبر وعلاماته الثابتة في أحاديث السنة النبوية الشريفة، ووصفت الأحاديث النبوية بالخرافات، حيث قالت بحسب مقطع فيديو تداوله نشطاء “أمنيتي في السنة الجديدة أني مشوفش مدرسين دين يخوفوا الطلبة ويخوفوا الأطفال ويتكلموا عن الثعبان الأقرع والثعبان أبو شعر،عايزين نتحرر من الخرافات”.

قناة نصرانية: الخطوة القادمة تنقيح “القرآن”

سخرت قناة فضائية نصارنية متطرفة من خطاب “قائد الانقلاب” على رؤوس عمائم أزهرية، -الذي أعادت بثه كاملا- مشيرة إلى أن دعوة السيسي تحريف في السنة والسيرة الإسلامية من أجل تجميل صورة الإسلام.

وأشارت إلى أن المنتظر من السيسي في الفترة المقبلة الاتجاه إلى “تنقيح القرآن” من الآيات –الصادمة- التي تحرض على القتل والتكفير، متسائلا: ما موقف الأزهر وشيخه من تصريحات السيسي.

واستقت القناة المتطرفة من خطاب السيسي لتطعن في الدين الإسلامي، قائلة: “زي ما قال السيسي طول ما أنت فيه مش هتشوف كويس”، مستطردة: “فعلا الإسلام به الكثير من النصوص المقدسة الصادمة والمتطرفة”.

احتفاء الصحف الصهيونية بتصريحات السيسي

أوضح الصحفي أحمد حسن الشرقاوي ؛ أن الصحف ذات الميول الصهيونية تحتفي بتصريحات عبد الفتاح السيسي في كلمته التي أدلي بها احتفالًا بمولد النبوي.

وأضاف الشرقاوي في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “الصحف ذات الميول الصهيونية العنصرية ضد المسلمين في العالم كله تحتفي بتصريحاته المناهضة للإسلام”.

وقد قالت الصحيفة الإسرائيلية “جويش برس”؛ في تعليقها على خطاب السيسي بمناسبة المولد النبوي “في بيان واضح لإنهاء تجنيد الإرهاب في الداخل والخارج، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رجال الدين إلي مواجهة “الأيديولوجيات المضللة التي تضر الإسلام والمسلمين في جميع أنحاء العالم.”

الفارق بين خطاب السيسي في الكاتدرائية والمولد النبوي

كان من اللافت للنظر بعد أيام قليلة من هذا الخطاب الحاد في احتفالات المولد النبوي حضور “قائد الانقلاب” احتفال النصارى بالكاتدرائية المرقسية في سابقة هي الأولى لمن يحمل “لقب رئيس”، ففي الوقت الذي تحدث فيه “قائد الانقلاب” خلال احتفال المولد النبوي عن ما سببه المسلمين من معاناه للعالم، منتقدًا فكر المسلمين، وقائلًا أن الإسلام به “نصوصًا وأفكارًا مقدسة دينية تعادي الدنيا كلها “، قال السيسي خلال حضوره قداس الكنيسة، أن “المصريين علموا العالم الإنسانية والحضارة”.!

وبدا “السيسي” هادئا بالكاتدرائية، وتحدث عن الوحدة الوطنية، كما خاطب الحاضرين قائلا “أنا جيت انهارده عشان أقولكم كل سنة وإنتو طيبين”. في الوقت الذي أكد فيه عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي “أن خطاب السيسي في المولد النبوي جرح مشاعر المسلمين، متهمهم بالجهل والتطرف، في حين أنه تحدث عن سماحة المسيحية في الكاتدرائية.

 


التعليقات