تدبر القرآن

يقول الحسن البصرى رحمه الله (نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا قراءته عملا)
القرآن كتاب أنزل اليك لتتفهم ما فيه ثم تعمل به وتقضى الفترة التى قسمها الله لك فى الحياة على منهاجه

الشيخ المودودى رحمه الله فى أحد كتبه ضرب مثلا لمن يترك فهم الكتاب والعمل به ويكتفى بالتوقير الظاهر والقراءة المجردة أذكر معناه :
لو أن حاكما أو رجلا ذو قدر أرسل اليك خطابا يأمرك فيه بأوامر عليك أن تنفذها فهل كنت ستقوم بقراءة رسالته للتبرك بها ثم تقوم بتعطيرها وتضعها فى مكانها وتكتفى بهذا؟
بل لو كانت الرسالة بلغة غير لغتك فانك سوف تسارع الى ترجمتها وفهم المقصود منها ثم المسارعة فى تنفيذ ما طلب منك فيها
فهذا القرآن قد أنزل اليك لتتدبره ثم تتبع أحكامه وأوامره وتسير على منهاجه فى حياتك فكيف لا تبذل جهدك فى معرفة مراد الله فيه ؟

مثلا : كم يقرأ ويسمع المسلمون قول الله عز وجل:
( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا﴾
لكن هل فكر أكثرهم أن يعرف ما معنى (الطاغوت) الذى أمرنا الله أن نكفر به ؟
وكيف أكفر به وما الأعمال التى لو فعلت تكون ايمانا بالطاغوت؟
وما هى العروة الوثقى ؟ وكيف يكون أمر الكفر بالطاغوت بهذه الخطورة بحيث لا يكون الايمان بالله والاستمساك بالعروة الوثقى متحققا الا مع الكفر به؟
واذا سمع أو قرأ فى آية أخرى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا )
فهل يهتم لأن يعرف ما معنى التحاكم الى الطاغوت وكيف أنه يجعل دعوى الايمان زعما كاذبا لمن قام به وضلالا بعيدا أضله الشيطان به ؟
وما معنى وقد أمروا أن يكفروا به ؟ وكيف يحقق الكفر بالطاغوت ؟

هذا مثال وغيره كثير فما معنى (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ) وما هى الأشياء التى لوفعلها يكون مواليا لليهود والنصارى ويكون منهم وكيف أنجو من هذا الأمر الخطير الذى يلحقنى بأهل الكفر؟
وغيرها وغيرها الشاهد أن عليك أن تقف مع الآيات وتعلم أنك أنت قبل غيرك المخاطب والمقصود بها وأن عليك أن تفهم وتتدبر ثم تعمل
وأن كل ما ينقصك لتتمكن من الفهم والعمل يجب عليك تحصيله بالسؤال أو القراءة أو السماع وبكل وسيلة تستعين بها على الفهم والتدبر لتتمكن من العمل
فانه من يتعلم اما أن يعمل أو لا يعمل بحسب مجاهدته لنفسه
أما من يجهل ويعرض عن التعلم فانه لن يعمل قولا واحدا اذ كيف يعمل بما لا يعلم
اللهم علمنا وفهمنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وارزقنا العمل الصالح الخالص لوجهك الكريم وافتح قلوبنا لتدبر كتابك ويسر لنا العمل ياذا الجلال والاكرام


التعليقات