آيات طائفية

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

أبغض شىء إلى نفسى أن أضطر للخوض فى حديث ذى نكهة طائفية، غير أن ما يجرى من أحداث فى خلفية المشهد السياسى المصرى يكاد أن يستدعى كل الغيورين والحريصين على أمن وسلامة هذا البلد، وكل ما أرجوه من الجميع أن يركزوا أقلامهم بين اثنتين،

الأولى منهما: إثبات الحقائق كما هى دون تزييف، فآفة بعض دعاة الاعتدال التوهين وتخنيث الحقائق إن جاز التعبير،

والثانية: إطفاء الحريق ما استطاعوا، فآفة أكثر دعاة الحقائق إيقاد الحرائق والحز فى المفاصل.

وبين يدى ههنا معضلتان طائفيتان أرجئ النابتة فى ساحة العباسية منهما حتى تستبين كل أضرابها وتسفر عن كل أسبابها وأيمم شطر تلكم القادمة من وراء جزيرة العرب وويل للعرب من شر قد اقترب.

ليس تخوفاً ولا طائفياً ولا عنصرياً رفضنا للمد الوافد من خلف خليج العرب الذى يحلو لأنظمة الملالى المتتابعة أن تسميه بخليج فارس كامتداد لثقافة يتوارثها القوم فى أدبياتهم التى صارت تحيى حتى الملاحم الفارسية القديمة المعادية للعرب والإسلام حتى تلك الراجعة إلى القرن السابع حيث قدم أصحاب رسول الله “الإسلام” لهذا الشعب على حساب دمائهم الزكية.

وفى كتاب “صورة العرب فى الأدب الفارسى الحديث” لجويا بلندل سعد، ترجمة صخر الحاج حسين، تعرض لنظرة الأدباء الفرس إلى العرب سواءً ما قبل أو ما بعد الثورة الخمينية، مثل: صادق هدايت، أشهر كتاب إيران فى القرن العشرين الذى ينظر للعرب على أنهم: “موبوؤن، قذرون، بشعون، أغبياء، وجلودهم سوداء والأديب والكاتب محمد على جمال زاده الذى يعتبر أن: “العربى فى الصحراء يأكل الجراد مثلما يشرب كلب أصفهان المياه المثلجة”. ولا يشذ عنه كثيراً الشاعر مهدى إخوان ثالث، المتوفى عام 1990، ونادر نادربور المتوفى عام 2000. حيث يرون أن حقبة ما قبل الإسلام هى عصر إيران الذهبى، وأن العرب أفسدوا كل جانب من جوانب الحياة الإيرانية. فالقوم إذاً يجيئون إلينا بأحقاد فارسية وإحن القادسية وثارات يزدجردية.

إن رفضنا للمد الإيرانى اليوم ليس عنصرية منا ضد العنصر الفارسى كما يفعل بعضهم ولا طائفية ضد الطائفة الإمامية رغم خلافنا العميق مع معتقداتها الضالة

إن رفضنا للمد الإيرانى اليوم ليس عنصرية منا ضد العنصر الفارسى كما يفعل بعضهم ولا طائفية ضد الطائفة الإمامية رغم خلافنا العميق مع معتقداتها الضالة، إذ أن الإسلام علمنا – كما علمتنا مصر – كيف تكون مضيافة تستقبل الناس على تنوع أجناسهم واختلاف عقائدهم إلا أننا نرفض ولابد، أى وافد يحمل “مشروعاً” توسعياً، لذا كان من الواجب أن نرفض السياح الصهاينة لأنهم يحملون مشروعهم العنصرى التوسعى العالمى البغيض قبل أن نرفض “مشروع ولاية الفقيه” الإقليمى الطائفى.

إن المشروع التوسعى الإيرانى ليس وهماً فى رؤوس البعض يتوهمونه ذات صباح غائم، إنه حقيقة واقعة هناك فى الجناح الشرقى من بلاد العرب فى الأحواز والبحرين وشرق السعودية والكويت والعراق وسوريا ولبنان، كل هذا فى أكثر قليلاً من ثلاثين عاماً من قيام ثورة الخمينى، ويبدو أنه قد آن للقوم أن يقفزوا إلى الجناح الآخر، ليحققوا مشروعهم فيه من جهة ومن جهة أخرى ليكسروا الحصار السياسى والاقتصادى العالمى عليهم.

إن مصلحة بلادنا المتعثرة اقتصادياً وسياسياً – وبصفتها الدولة العربية والإسلامية التى كانت يوماً ما كبرى – ليس فى التواصل مع إيران الآن وخاصة إذا أردنا أن تعود لدورها والذى لن يكون بالتغاضى عن بعدها الإسلامى والعربى والذى تنتهكه إيران كل يوم خاصة فى أفغانستان والأحواز والعراق وأخيراً فى سوريا التى تسلم نظامها المجرم خمسين مقاتلاً من الحرس الثورى وحزب الله منذ شهرين فقط من ثوار سوريا الأحرار .

وأخيرا

فإن قضية الشيعة والتشيع لها حساسية خاصة فى مصر ليست لغيرها بحال من الأحوال إذ أن مصر هى أكثر دولة إسلامية تضم فى ثراها الشريف قبوراً ومراقداً لأهل بيت رسول الله سلام الله عليهم، احتضنهم وأحبهم أهل مصر كما أحبوا رسول الله وأصحابه الذين نصروه وعزروه واتبعوا النور الذى أنزل معه ولم يفرقوا بين أحد منهم، وأخشى ما أخشاه ويخشاه العقلاء أن يأتى من يغلو فى بعضهم ويسب الآخر فيفسد الود والسلام فى هذا البلد الآمن أو ينشر البدع المنكرة كالمتعة والدماء وهذا أقصى ما قد يصبون إليه فمصر قد استعصت عليهم أكثر من ثلاثمائة عام بحضارتها ووسطيتها وسنيتها.


التعليقات