رداً على د.سعد هلالى فى البيرة

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

خرج علينا د.سعد الدين مسعد هلالي في حلقة تليفزيونية مع عمرو أديب ببعض الشبهات حول حكم شرب البيرة والكحوليات وقد التبس الأمر على كثير من العامة بما ساقه من استدلالات على صحة كلامه فنرجو مناقشة ما قاله من الناحية الشرعية ؟

الحمد لله الذي عرفنا بأنه ( وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) والصلاة والسلام على من بعثه ربه ( لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) … وبعد ،

فإن الشرع جاء ليخرج المكلف من داعية هواه ، حتى يكون عبدا لمولاه – سبحانه وتعالى – ، كما قال الإمام الشاطبي . وإنما يرجع الناس إلى العلماء ليدلوهم على ما يقربهم من الله – جل وعلا – .

لكن هناك من يسير في الاتجاه المعاكس ، فيفتح للناس باب اتباع الهوى ، ويجعل ما يعرفه من خلاف غير المعصومين من الأئمة غطاء لذلك ، مع الإعراض عن كلمات في الوحي هادية ، والتجاهل لدواعي التقوى والورع المنجية .

فإن خلاف السادة الأحناف في نبيذ الشعير ليس من خفيات المسائل ، بل من المشهور منها ، وليس غرضي طرح بحث علمي في مسألة قد قتلت بحثا – كما يقولون – . كما أنني سأتجاوز هنا ما يتعلق بشخص د. سعد الهلالي. لأطرح إيرادات مهمة على كلامه حول “الخمر والكحول والبيرة” :

أولا :

أدخل الكلام عن الاستحالة – تحول المادة من اسم إلى آخر – ليقول إن الكحول شيء والخمر شيء آخر . مع أنه لا يحتاج أن يتكلم على الاستحالة إلا إذا سلم – ولو جدليا – بأن الكحول خمر حرام ، لكنها تحولت إلى شيء آخر حلال . وعلى كل ، لا معنى للقول بأن الخمر – والتي صارت خمرا بسبب نسبة الكحول المسكر فيها – إذا زادت نسبة كحولها ، أو سميت كحولا ، فمجرد هذا يحولها إلى شيء آخر حلال .

ثانيا :

تكلموا – هو والمذيع – عن أنه لا إشكال في اسم “الكحول” وعن وجوده بنسب مختلفة في أشياء وهي حلال . ليجعلوا ذلك مدخلا لما فيه الإشكال حقا ، إذ مقدمتهم لا اختراع فيها ، وليست أي نسبة من الكحول في المادة ، تجعلها خمرا – لا في الواقع ، ولا في الشرع – . وهذا كله قفز على حقيقة النسبة المسكرة ، لكي لا يلتزم بأنها تحول الشيء الآخر إلى خمر حرام .

ثالثا :

ادعاؤه بأن تحريم الكحول من الخمر العنبية أمر عبادي لأجل النص . فهل يقصد من “عبادي” بأنه غير معقول المعنى – وقد عقل معناه كل العلماء بل كل العقلاء – ؟! وهل يقصد من “النص” أن من يحرم غيرها ليس معهم “نص” ؟! أم أننا أمام محاولة لتجاوز “النصوص” مع إظهار اتباعها ؟!

رابعا :

نسبته أن ما أسكر كثيره فقليله حرام إلى الجمهور . وهذا نصف الحقيقة لا كلها ، فإن الجمهور قالوا ذلك لأجل “النص” المشهور الذي صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – : “ما أسكر كثيره فقليله حرام” وهو عند أصحاب السنن الأربعة وغيرهم . فهل جهل المتكلم هذا “النص” أم تجاهله ؟! وهل هذا من الأمانة العلمية في شيء ؟!

خامسا :

ادعاؤه أن ما يفعله من نشر علم الإمام أبي حنيفة !! ولا أدري لماذا لم ينشر علم النبي – صلى الله عليه وسلم – ؟! وهل يا ترى سينشر من علم أبي حنيفة – أيضا – ما لا يتوافق مع أهوائه في قضايا أخرى كثيرة ؟! وهل يقبل أن ينشر هو أو غيره آراء أخرى لمجرد أنها موجودة في تراثنا الفقهي – بغض النظر عن الأدلة الشرعية – ؟! أم أنها الانتقائية غير الشرعية ؟!

سادسا :

زعمه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – امتنع عن أكل “الضبع” للمانع الطبعي ، لا الشرعي . وهذه مدهشة ممن يحسب نفسه على أهل التخصص ، فقد “نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن كل ذي ناب من السباع ” والحديث في الصحيحين ، فالمانع شرعي لا طبعي . أما ما امتنع النبي – صلى الله عليه وسلم – عن أكله ، فقد كان “الضب” لا “الضبع” والفرق بينها هائل يا أستاذ الفقه !!!

سابعا :

أما تفريعه على ذلك بأنه يترك “البيرة” طبعا لا شرعا ، فقد يكون صدقا لا يحمد عليه !! أم هل نسي أيضا وصية النبي – صلى الله عليه وسلم – : “فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه” وهي في الصحيحين ؟! أم أن ترك ما صح الحديث ونطق جمهور أئمة الإسلام بتحريمه ، ليس من ترك الشبهات ؟! أم أن هذا ليس من العلم الذي يطلب نشره ؟! ويا ترى لماذا ينشر عكسه ؟!


التعليقات