وفاء قسطنطين… والجريمة الكاملة

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

لا يقرأ المسلم حادثة المرأة المسلمة صاحبة النداء التاريخي المعروف “وامعتصماه” واستجابة المعتصم لنداءها بتجهيز الجيش الذي قاتل به الروم وأنقذها إلا ويغمره مشاعر العزة والحماس وكأن الحادثة تحدث الآن، حتى كانت حادثة وفاء قسطنطين التي جعلت حادثة المرأة صاحبة النداء مصدرا لمشاعر الذل والمهانة بمقدار الفرق في موقف الأمة من المرأتين، حينئذ يفكر المسلم في مغزى تلك الحادثة بهذا المستوى التاريخي ليرى للحادثة أبعاد خطيرة للغاية أولها تفريغ التاريخ الإسلامي من مضمون العزة والكرامة.

وليتم ذلك كان لابد من تعامل المصدر النصراني الفاعل على عدة محاور:

ـ إثبات النفوذ النصراني الذي اختطف به وفاء وأعادها إلي الكنيسة رغم يقين المسلمين بأنها على الإسلام وتجاوز طلب رؤيتها وسماعها وهي تعلن موقفها, حيث كان من الممكن أن يكون خبر ارتدادها عن الإسلام بصورة شخصية معلنة فيكون موضوع المشكلة هو “إمرأة مسيحية أسلمت ثم ارتدت” ولا زيادة على ذلك, ولكن التعامل تم لتظل وفاء هي “المرأة التي أسلمت وأعادها نفوذ النصارى إلى الكنيسة رغما عن أنف جميع المسلمين ولم يستطع أحد أن يفعل شيئا”، وخصوصا أن الأمر المتفق عليه بين الجميع هو إسلامه،ا فكان من الضروري أن تقوم وفاء إذا ارتدت من البداية بجولات في جميع الكنائس والأديرة لتطمئن النصارى على دينهم وأن يكون لهذه الجولات ظهورا إعلاميا ولكن بدلا من ذلك يخرج علينا من يقول أنها ستظهر في قناة أغابي “بعد أربع سنوات” ليثبت التجني الإسلامي على الأقباط!!، ليضاف إلي مرارة الإهانة مرارة الإستهانة بالعقل المسلم
ولأن إعلان ظهور وفاء على القناة فيه بعض الاعتبار لكرامة الأمة جاء نفي الخبر بسرعة فائقة حتى لايفهم أن هناك أي إعتبار للشعور الإسلامي ولا يتعلل أحد بأن للسيدة وفاء قسطنطين وضعية خاصة باعتبارها زوجة أحد كبار الكهنة فهناك من يماثلها في هذه الوضعية منهن ماري عبد الله زكي زوجة أحد كبار الكهنة أيضا (كاهن كنيسة الزاوية الحمراء)، بل هناك أخت الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والمرشح بقوة لخلافة الأنبا شنودة…

والدليل على هذا القصد في صناعة موقف السيدة وفاء هو إعطاء الموقف أبعاد ضخمة وبسرعة فائقة, ومن ذلك المظاهرات التي تحركت من البحيرة متوجهة إلى كنيسة العباسية، وإعلان البابا شنودة الإعتكاف وتأييد الكنيسة لتلك المظاهرات والموقف لايخرج عن عدة إحتمالات:

ـ أن وفاء لم تزل صامدة رغم محاولة فتنتها عن دينها الذي بلغ أربع سنوات.

ـ أن وفاء قتلت في تلك المحاولة.

ـ أن وفاء فتنت وارتدت.

ولكن كل هذه الإحتمالات لاتدخل في حقيقة أن تسليم وفاء للكنيسة بعد إسلامها من البداية وتغييب أخبارها هو الجريمة الكاملة، لا ينقص من معنى الجريمة أن تظهر بعد أربع سنوات لتعلن تراجعها وكما كان للموقف إحتمالاته… كانت له آثاره وأولها حق القلق على هذه المرأة وحق التعاطف معها ورثاءها وكتابة القصائد فيها باحتمال ثباتها وهي في يد خصومها أربع سنوات يحاولون فيها فتنتها عن دينها أو قتلها. ولايقلل من قيمة هذا القلق وهذا التعاطف شيء, حتى ظهورها معلنة تراجعها بعد أن أمضت أربع سنوات بأيامها ولياليها وساعاتها يمارس معها كل أساليب الفتنة بلا رقيب ولا مسئولية, يعلم الله كيف مضت هذه السنوات الأربع وماذا الذي أحدثوه معها.

عندما تغيب قسطنطين عن الناس تنشأ وبصورة طبيعية ومشروعة و منطقية حالة القلق الحادث عند المسلمين, وخصوصا عندما لا يكون هناك مبرر مقنع لتغييب امرأة أعلنت إسلامها على الملأ، ولكن لماذا سكت المسلمون؟؟ وبصراحة كاملة… كان من الممكن أن يكون هناك ردود أفعال مناسبة،
لكن أصحاب إمكانية هذه الأفعال إختاروا إدّخار الموقف ليتبين للناس حقيقة المرحلة التي يعيشونها وينكشف قاع الخطة المرسومة للحرب الطائفية ويصل تفسير الموقف كاملا إلي الجميع، ولذلك أدخل أصحاب هذه الإمكانية تلك الحادثة في حساباتهم كنقطة في خط الإتجاه الصانع لتلك الحرب التي يتم التجهيز لها على قدم وساق ابتداءا من بذاءات البالتوك التي بدأت في الغرف، وأقباط المهجر المطالبون بطرد العرب من وطنهم، وزكريا بطرس المختبيء في شقوق الفضائيات، “والأب يوتا” ذلك المجهول الذي دخل مؤخرا حلبة الصراع مهددا بالإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والإسلام بالأفلام والرسوم والمسرحيات وكل الأساليب الممكنة.

اختار أصحاب القدرة على رد الفعل الإسلامي أن تكون المواجهة على مستوى المرحلة كلها بكل مواقفها وأحداثها وليس على مستوى حادث بعينه،وأن مشاعر العداء الناشئة عن تلك الأحداث لن تمر معها بل ستبقى

و ستبقى معها “وفاء قسطنطين” رمزاً لتلك المرحلة .


التعليقات