نيران … غير صديقة!!

الإرهاصات لا تكون دائما تنفيسات عن الكبت، وإفراغ للشحنات!

تعمل بعض أجهزة المخابرات على (تفريغ) الشحنات الشعبية بوسائل متعددة، كالمظاهرات المحدودة، الأفلام والتمثيليات التي تتضمن نقدا للنظام، وغيرها من النماذج المخابراتية المعروفة، والمتبعة بين أجهزة المخابرات في العالم، دون أن يكون فيها إبداع أو (ذكاء)!، ولعل نظام مبارك كان يتبع هذه السياسة في النصف الثاني من حكمه، فظهر بصورة الرئيس الذي يعطي (مساحة) وحرية، وسمح بالنقد المحدود، ونحو ذلك…

غير أن هذه الطريقة قد تكون سلاحا مضادا للنظم الاستبدادية، فبالرغم من أنه ثبت نجاعتها ونجاحها في بعض الصور والفترات؛ إلا أنه في بعض الصور الأخرى ظهرت هذه الإرهصات كوسائل (شحن) وليس (تفريغ)، كما أنها أعطت (الثوار) والشعوب خبرة في التعامل والتعاطي مع الأجهزة القمعية، الذي أدى في النهاية لنجاح تلك الثورات.

إن الحسابات الأرضية التي تتخذ من المقدمات و(البمئنات) أساسا لعملها قد لا تتفطن لعوامل (الطفرات السماوية)، لماديتهم المفرطة، وعدم إيمانهم بالغيب (الميتافيزيقا)…

وقد كانت صورة ما حدث في مصر في 6 إبريل 2008م مع عمال المحلة صورة من صور (الشحن) والتلامس بين الشعوب المقهورة، وبين الأجهزة الاستبدادية، تم فيها (كسر) حاجز خوف تم تكوينه لعقود، وأكسب (الثائر) مهارات وخبرات التعامل مع المستبد، وتطورت هذه الإرهاصات شيئا فشيئا إلى أن حدثت ثورة 25 يناير 2011م، أي بعد أقل من ثلاث سنوات من هذه الإرهاصة، كانت خلالها تتكامل وتتطور إلى أن خرجت عن سيطرة الأجهزة القمعية.

إن الحسابات الأرضية التي تتخذ من المقدمات و(البمئنات) أساسا لعملها قد لا تتفطن لعوامل (الطفرات السماوية)، لماديتهم المفرطة، وعدم إيمانهم بالغيب (الميتافيزيقا)؛ لا يعرفون (الطفرات)، والانحرافات غير الموضوعية في المسار التاريخي بأمر سماوي لا يستقيم مع المقدمات، (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا)، وكيف يأتي النصر وقت اليأس؟!! بل تتحول الخطط التي حيكت بتدبير لتكون نيرانا في صدورنا إلى نيران صديقة لنا تخترق جسد عدونا: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ).


التعليقات