خليك مصدق!!

هذه الكلمة (خليك مصدق) قد تكون وسيلة لإثارة انتباه مرضى (الإخوان فوبيا والإسلاميون فوبيا) حول كم التناقض فيما يرددونه.. ولكن القضية المثيرة بالنسبة لي هي فهم الدوافع النفسية التي بررت لهم تصديق إعلام مفضوح بالفطرة.. فسارعت بقراءة بعض كتب علم النفس المترجمة عن سيكولوجية الانصياع أو الانقياد الآلي غير الواعي لأجد كمًا هائلًا من التجارب والخبرات والمعلومات التي كانت سببا لي في فهم آيات قرآنية كنت أمر عليها ولم ألتفت إلى عمق دلالاتها.. ولعلي أقف على بعضها فيما بعد إن شاء الله.. وكان مما قيل أن هناك أمرين قد يدفعان الإنسان لهذا الانصياع:

الأول:

توفير الجهد وتجنب عناء التفكير.. نعم.. ليس علينا أن نفكر بعمق في قضية ما.. وليس علينا أن نغربل فيض المعلومات التي نواجهها كل يوم لتحديد الحقائق ذات الصلة بالقضية.. وليس علينا أن نبدد النشاط العقلي في وزن ما هو مع، وما هو ضد.. إن هذا المنطق يقدم لنا سبيلًا مريحًا لإزاحة عبء التفكير المستمر.. لنقبل بعد ذلك على حياتنا بسعادة.. وهو ما قرره سير رينولدز: (لا يوجد سبيل نفعي إلا وقد لجأ إليه الإنسان لتجنب عناء التفكير الشاق).. فالحياة مفعمة بالراحة والسعادة مع رفاهية الكسل الذهني و.. (تكبير الدماغ)! فإذا كنت واحدًا من هؤلاء..فلا أملك غير أن أقول لك: خليك مصدق!!

الثاني:

(وقد كان مقنعًا جدًا لي منذ قرابة خمسة عشر عامًا عندما سمعته من الشيخ المربي الفاضل د.أشرف عبد المنعم) إذ يحدث أحيانًا ألا يكون الجهد المبذول في عمل معرفي صعب هو الذي يجعلنا نتهرب من القيام بنشاط تفكيري، ولكنها النتائج القاسية المترتبة على ذلك النشاط والقرارات الواجب اتخاذها حيالها.. ففي بعض القضايا الخطيرة يزودنا الفكر القويم بمجموعة من الإجابات الواضحة غير المرحب بها.. كما أن هناك أشياء معينة مزعجة نفضل ببساطة ألا نتحقق منها.. فغندئذ نهرب خوفًا من الحصارات التي يفرضها علينا العقل.. لأنها قد تؤدي إلى مواقف ضريبتها غالية! فإذا كنت واحدًا من هؤلاء..فلا أملك غير أن أقول لك: خليك مصدق!! أما أنا فمن المؤمنين بتكريم الله لبني آدم على كثير من الخلق.. بالعقل والعلم.. فالتفكير عندنا فريضة.. والعقل عندنا سببًا للنجاة من جهنم.. التي يقول أهلها: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ).. وجزاء أولي العقول والألباب جاء بعدها: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ).. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك..


التعليقات