الدماء ديانة لا مصانعة

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

لم يكن منهج الشريعة يوما موغلا في الدماء، كما لم أكن أبدا ممن يتبرأون من عبادة الجهاد ولا ممن يتصنعون الناس في التواري منها خجلا؛ ظنا منهم بجهلهم أنها عنف أو دموية، أو يفرغونها من محتواها فيجعلونها جهادا بالمال أو جهادا للأهواء أو جهادا بالقرآن فحسب؛ بل هي كل ذلك وأشرفها وأعلاها القتال، فهي لعمر الله الشريعة الماضية والفريضة الواجبة لا تسقط إلا بسقوط اﻷمة نفسها حين لا يبقى في اﻷرض من يقول:- الله الله، وعندئذ تشرق الشمس من مغربها وتفقد البشرية أحقيتها في الوجود ..

لكن الجهاد ليس مرادفا عندي -ولا في دين الله- للقتل وسفك الدماء وإن كان ذلك داخل فيها بلا ريب ..
فلم يتوسع الشارع في دماء الكفار ولا المنافقين حتى من لا يستيقن علمهم إلا من جهته كمنافقي مجتمع الرسول اﻷعظم صلى الله عليه وآله وسلم الذين إئتمن سرهم سيدي حذيفة وعمار رضي الله عنهما؛ مع شدة خطر أولئك اﻷبعدين على الملة واﻷمة كما حذر منهم الله وحذر رسوله ..

كما عفى رسول الله عن أهله في مكة بعد الفتح، وهم أئمة الكفر باﻷمس القريب فأطلقهم وقبل دعواهم اﻹسلام ولم يكن لرسول الله وهو الخاتم أن يسطر في سيرته وتاريخ أمته أن أول ما قام به حين تمكن وتغلب أن يفعل فعل الملوك فيسفك دماء قومه أو أن يسن مذبحة يتحدث بها العالمون، مع أن بعض الطلقاء لعبوا دورا خطيرا بعد ذلك في إفساد النهج النبوي الراشد عما قريب ..

بل إن أسرى الحرب في القتال والمصادمة مع أئمة الكفر وجلاوذة الجاهلية الذين ساموا المؤمنين سوء العذاب وقتلوهم وشردوهم وأخذوا أموالهم؛ قد خير الله فيهم أمراء الجهاد ببن المن والفداء والقتل، وكان النبي أميل للأولى والثانية ..

وهذا ذو الخويصرة التميمي رأس الخوارج اللعين الذي اتهم من لا تهمة له برأه الله بالظلم والجور في القسمة تركه رسول الله في مبتدأ الأمر مع أنه من أول من بدلوا دين الله، ومع علمه أنه وضئضيئه يقتلون خيار المؤمنين كسيدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين كرم الله وجهه وعظم في المؤمنين أجره ، ومع أنه:- “طوبى لمن قتلهم وقتلوه” ..

وكذلك عدو الله ورأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول حين خاض في عرضه الشريف؛ فخلى سبيله ألا يتحدث الناس أن محمدا عليه السلام يقتل أصحابه ..
فهذه نماذج خمسة معلومة: لكفار، وأسرى محاربين، ومنافقين معلومي النفاق، ومنافقين لا تعلمونهم الله يعلمهم، ورؤس بدعة مجرمين، كان العفو فيهم أولى، فدل على أن مقصد الشريعة هو العفو وحقن الدماء ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وعدم تهيئة العقل الجمعي لأمة الجهاد والاستشهاد على السلة والحس والدموية إلا في حالات معينة مرعية ..

فاللهم اذهب غيظ قلوبنا واستل سخيمة نفوسنا وحريجة صدورنا ..
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل


التعليقات