التطبيع مع الكيان الصهيوني.. هدف عسكري ورفض شعبي (1 – 2)

تعليقا على تصريحات عزمي مجاهد:
التطبيع مع الكيان الصهيوني.. هدف عسكري ورفض شعبي (1 – 2)
العداء أصيل ومتمكن من نفوس المصريين للكيان الصهيوني الغاصب، وهذا الأمر يظهر بوضوح عند أي فرصة يستطيع فيها الشعب المصري إبداء رأيه في هذه القضية بحرية دون خوف أو قمع من النظام، بل إن عامة المصريين يعتبرون الدعوة للتعامل مع الصهاينة خيانة للدين والوطن، وعمالة للمحتل الغاصب،
وليس أدل على ذلك من المظاهرات الشعبية التي توجهت إلى سفارة الكيان في القاهرة عام 2011 ، حتى أجبرت المجلس العسكري الحاكم وقتها من إغلاق السفارة، أضف إلى ذلك الحشود الشبابية التي تحركت إلى غزة أثناء الحرب عليها عام 2012 تضامنا معها ومؤازرة لها.
المخيف للنظام العسكري المصري أن هذا التضامن يحدث أيضا في ظل سيطرته على الحكم -وإن كان بدرجة أقل- عند حدوث أي اعتداء صهيوني على الشعب الفلسطيني أو المقدسات الإسلامية الموجودة في الأراضي المحتلة؛
ولذلك يعمد إلى تسريع وتيرة تغييب الشعب وتغيير عقيدته تجاه الصهاينة، فتراه يرسل تعليمات -وأحيانا- تهديدات للأئمة والدعاة بعدم الدعاء على الصهاينة في الدروس وخطب الجمعة، بل إنهم في عهد مبارك قد عاقبوا أحد الخطباء بتهمة الدعاء على دولة صديقة وجارة!!
وفي ذات الوقت يغير ويعدل المناهج الدراسية، بحيث لا يبقى فيها ما يحمل نَفَسًا عدائيا للصهاينة، وقد انتشرت أخبار تفيد بتدريس بنود اتفاقية (كامب ديفيد) في المدارس المصرية، بحيث يعتاد التلاميذ في مصر على ترديد مصطلح (دولة إسرائيل)، حتى يكبر الجيل معترفا بشرعيتها متصالحا معها.
والأخطر من ذلك.. أن تُوجه طاقة العداء لتصبح ضد من يناصبهم النظام العداء مثل حماس وقطر، فتكون حماس (حركة المقاومة الإسلامية) خطرا على الأمن القومي المصري (كما صرح بذلك رأس النظام وأزلامه أكثر من مرة)، وتكون قطر (الدولة العربية) أخطر من إسرائيل (كما صرح بذلك عزمي مجاهد المتحدث الرسمي باسم اتحاد الكرة المصري)؛
وبالطبع يُعَد التطبيع الرياضي الذي ينادي به مجاهد هو الأسوأ في الوقت الراهن، حيث إن متابعي الرياضة -وخاصة- كرة القدم يُقدروا بالملايين، وأغلبهم من الشباب، وكأنه يريد ألا تكون هناك أي عقبات أمام تربية الأطفال على المودة والمحبة للاحتلال، حيث لا يجد الأطفال في جيل الشباب الذي يتلاقى معه ويتعلم منه أي خصومة أو رفض للمبدأ.
في الحقيقة أنا غير متعجب من تصريحات عزمي مجاهد التي تعبر عن التوجه العام للنظام المسيطر على الحكم في مصر، لكني متعجب من استدلاله بأن التطبيع السياسي القائم يلزم منه التطبيع على كل المستويات!!
رغم أن العلاقات بين الدول تقوم على الموازنات والمصالح، فقد يكون هناك تواصل سياسي بين دولتين وفي ذات الوقت هناك قطيعة اقتصادية، لكني أستشعر سوء النية في هذا التعليل، لأنه بذلك يدعو للتطبيع الفني والثقافي والحضاري، وحذف وإلغاء كل ما تحويه الأعمال الفنية والثقافية من معانٍ عدائية مع هذا الكيان الغاصب، مما يجعلنا نتوقع مصادرة الأفلام والمسلسلات والكتابات التي تُذَكِّرُ المصريين بالحروب والمعارك التي خاضها الجيش المصري ضد نظيره الصهيوني.
وهل ستؤتي هذه التحركات الخبيثة أكلها؟
أظن أن هذه الدعوات والتوجهات الشنيعة للنظام والنخبة في مصر تحتاج لبذل جهود جبارة من الإسلاميين والوطنيين المستقلين للحفاظ على هذا النَّفَس العدائي المرتكز في العقل الجمعي المصري والعربي، حتى لا نفاجأ بأننا أمام جيل مستعد للتخلي عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، أو حتى سيناء.
يساعدنا على ذلك الاعتداءات والانتهاكات المتكررة التي يرتكبها الاحتلال في حق المقدسات والنساء والأطفال، التي لا تترك فرصة لأي إنسان عربي أو حتى غير عربي متابع للقضية أن يعيد نظره في دولة الاحتلال.
وبإذن الله أُفَصّل في الجزء الثاني لهذا المقال الخطوات والتدابير التي يمكن اتخاذها في مواجهة هذه الانحرافات
والله من وراء القصد

التعليقات