العسكر و الثورة … و الحالة التونسية

ما علاقة الجيوش العربية بالثورة ؟ وهل كان تدخل الجيوش العربية فى الثورات إيجابيا أم سلبيا ؟ وما هو النموذج الأمثل لتعامل الجيوش مع الثورات ؟

أسئلة يطرحها الكثيرون , ويتناولها العديد من الكتاب , و اختلفت حولها وجهات النظر , ولكى يمكنا الاقتراب من الإجابة الصحيحة لهذه التساؤلات لابد لنا من إدراك الدور الحقيقى للجيوش فى منطقتنا العربية و جذور نشأة هذه الجيوش , وكيفية اختيار و تأهيل أفرادها و قياداتها .

طبيعة دور العسكر :

يرجع نشأة كثير من جيوش المنطقة إلى المستعمر , فهو من صبغ هذه الجيوش بصبغتها , و وضع معاير اختيار أفرادها و التى تعتمد بالأساس على مدى البعد عن هوية هذه الأمة و ثقافتها و الولاء لها و درجة التبعية للمستعمر الغربى ” انظر كتاب جزور العداء لمؤلفه م. أحمد مولانا ”

أما دور الجيوش العربية الأساسى فيتمثل فى ثلاث محاور :
1- ضمان مصلحة الغرب و هيمنته ,

2- الحفاظ على علمانية الدولة ,

3- التصدى لحركات الاستقلال الإسلامية .

حقيقة الثورات :

فى الحقيقة فإن الثورات التى عمت المنطقة ” بغض النظر عن سبب تفجرها ” تحمل فى مكنونها و حقيقتها هوية الأمة , وتنطلق فى حركتها من جذورها العقدية و التاريخية , ومعركة هذه الثورات لا تقف عند حدود الأنظمة المستبدة و العميلة , بل تتعداها لأبعد من ذلك , فهى ثورة على التبعية الغربية التى صنعت هذه الأنظمة على عينها وربتها فى حجرها .
و ما أبلغ على ذلك من لافتة التحرير المشهورة ” لن تحكمنا أمريكا بعد اليوم ” , لذا كانت الحركة الإسلامية فى القلب من الثورات و من حولهم جموع الشعب المسلم المعتز بدينه و هويته , وهذه الحقيقة من الوضوح بحيث أن لم تستطع الأبواق العلمانية و عاشقى الجعجعة و محترفى سرقة الثورات من أحفاد السامرى تغطيتها و إخفاءها ” راجع مقال يحيى رفاعى سرور عن علاقة العلمانية بالثورة ”

و حقيقة المشهد التونسى أن بعد الجيش الظاهرى عن الحالة السياسية ليس قناعة منه بأنه يجب أن ينأى بنفسه عن اللعبة السياسية , إنما لم يخرج إلى هذا التدخل السافر , فهو لم يستشعر بوصول الحالة التونسية إلى مرحلة تهديد الأهداف التى انتصب لحفظها بخلاف ما حصل فى مصر .
و سبب ذلك يرجع إلى ضعف الحالة الإسلامية فى تونس , وعدم تشكيلها خطرا لا من جهة قوتها على الأرض وحجم فاعليتها و تأثيرها ولا من جهة طرحها الفكرى ودرجة مصالحتها مع الجاهلية .

أى أن الجيش التونسى مارس دور المراقب عن بعد و اكتفى بجهود ” العلمانية السياسية ” لإفساد الثورة فى ظل عدم الحاجة لتدخل ” العلمانية المسلحة ” , و أرجأ خيار التدخل السافر لحين الشعور بالخطر و التهديد الحقيقى الذى يعجز معه رفقاؤه السياسيون عن أن يتكلفوا مهمة إيقافه وحدهم .


التعليقات