الديموقراطية بعين واحدة

شرفنا اليوم الأستاذ “هادي فهمي  “ بشركة البترول التي أعمل بها , ولكن هذه المرة بصفته أميناً للحزب الوطني عن دائرة مدينة نصر وليس بصفته الإدارية العريقة في قطاع البترول, وهذه هي المرة الأولى التي أقابله فيها وجهاً لوجه, وللأمانة فالرجل متفتح للغاية وعنده مرونة وقابلية عالية للحوار والنقاش وكان معه الأستاذ” مصطفى السلاب “ والأستاذة” ثرية لبنه “ وهما المرشحين عن الحزب الوطني وقد دخلا الإعادة أمام مرشحي الإخوان المسلمين عن نفس الدائرة وقد بدأ الأستاذ هادي بمقدمة ظريفة بين فيها على المكشوف وبكل صراحة أهمية هذه الدائرة التي وصفها بأنها دائرة الرئيس ولذلك فلها أهميتها الخاصة جداً سياسياً واجتماعياً بل وللفوز والهزيمة فيها معنى آخر وأبعاد ودلالات ربما تكون عالمية كما صرح الأستاذ هادي نفسه, وكل هذا مقبول ومعقول إلى حد كبير.

 متى ستظل هذه العقلية مسيطرة على السياسيين في بلادنا

ولكن تسلم الكلمة منه الأستاذ مصطفى السلاب ليحدث الناس عن أهمية أن يفوز نواب الوطني ليكونوا أغلبية مطلقة كالعادة القديمة لريما وذلك لكي يمكن تشكيل الحكومة منهم ـ كالعادة أيضاً ـ لتتمكن هذه الحكومة من تحقيق خطة التنمية القادمة وإلا فشلت هذه الخطة ولا أدري حتى متى ستظل هذه العقلية مسيطرة على السياسيين في بلادنا وهكذا يتبين كيف يمكن لبعض الحكوميين أن يسيئوا للحكومة ربما أكثر من المعارضة أحياناً أي أنهم معارضين أكثر من المعارضة من حيث لا يعلمون. المهم بدأ الأستاذ مصطفى يحدثنا عن تفاصيل خطة التنمية القادمة هذه بكلام عجيب لو صدق في الماضي لصدق في المستقبل فقال: ستساعد الحكومة على إنشاء ألف مصنع وذلك عن طريق التسهيلات والقوانين التي تخفف الضرائب وتشجع الاستثمار وتقضىعلى الروتين بالإضافة إلى استصلاح خمسة وأربعين ألف فدان ورصف ثلاثة عشرة ألف كيلو متر طولي وتوظيف أربعة ملايين عاطل  وأعاجيب أخرى كثيرة لو صدقت ولو في الأحلام لأصبحنا أعظم دولة في العالم كما لم ينسى أن يلمز الإسلاميين بأنهم لا يملكون مثل هذه البرامج العبقرية واتهم أحدهم بأنه صرح أن كل خطتهم للتنمية تقتصر على حشد الناس في المساجد حتى تعم البركة ويشتغل العاطلين؟ تصوروا؟! كما حذر سيادته لا فض فوه بأن فوز أمثال هؤلاء هو خطر على النظام والاستقرار والبرامج الخطيرة القادمة!! طبعاً منتهى الديموقراطية!!! كما تحدثت السيدة ثريا لبنه بكلام طويل عن إنجازاتها الرهيبة على مر عشرين سنة مجلس ولم يفتها أن تحذر العاملات من النساء من الفئات المنحلة التي ستلزمهن البيوت لو حدث لا قدر الله وسيطروا على مقاليد السياسة في البلد؟! طبعاً قمة الديموقراطية!!!! فقام أحد الزملاء ـ وهو مدير عام بالمناسبة ـ وقال أن كل ما يقال هو دعايات لم ولن نشهد منها شيء مطلقاً نافياً أن يكون قوله هذا نابعاً من حزبية معينة وإنما عن قناعة تامة وأنه حاول عدة مرات مقابلة السيدة ثريا ولم يفلح مما تسبب في مشادة كلامية أدت لانفعالها وخروجها عن شعورها لولا تدخل الأستاذ هادي فهمي لفض المنازعة بدبلوماسيته المتميزة واصفاً ما يحدث بأنه حوار ديموقراطي بين مرشحة حزبه وأحد المواطنين. ثم تدخل العبد لله ـ بعد أن نفد صبري ـ بمداخلة حامية كان لابد منها فأنا أستطيع أن أفهم ولو بصعوبة أن يقوم الحزب الوطني بدعايته الانتخابية في كل شركات البترول ابتداء من إنبي وحتى جاسكو ومروراً ببترول بلاعيم وكأنها مؤسسات تابعة للحزب وليست مؤسسات وطنية من حق الجميع!! بينما يمنع الأخرون من أنصار التيار الإسلامي من مجرد توزيع الدعاية الانتخابية في الشارع أمام مقر الشركة !! كما أحاول أن أبلع بصعوبة الخطط الأسطورية التي تحدث عنها الأستاذ مصطفى وأحاول إقناع نفسي أنها ممكنة التحقق حتى ولو في الخيال !! لكن كما لا أستطيع فهمه ولا تقبله ولا محاولة بلعه أن يلمز كل مرشح منهما المنافسين ـ خاصة الإسلاميين منهم ـ باعتبارهم المعارضة الحقيقية والطرف الأقوى شعبياً وخاصة إذا كان هذا اللمز بغير الحق وبما لا يعقل ولا يتصوره أحد مهما كان لا يعرف هؤلاء الإسلاميين فما بالك بمن يعرفهم جيداً ويعرف ما يمتلكون من قدرة على التغيير وبرامج محددة كفيلة لو أتيحت لها الفرصة بأن تقفز بهذا البلد عشرات السنين إلى الأمام بإذن الله, وكان مما وفقني الله له أن طرحت عليهم أسئلة محددة

أولاً:

أين الديموقراطية المزعومة ونحن هنا في مؤسسة وطنية عامة ولا نسمع غير صوت الحزب الوطني ولماذا لا تتاح الفرصة لغيرهم من المعارضة خاصة الإسلامية منا بإسماع صوتها للناس هنا وفي كل المؤسسات الأخرى؟

ثانياً:

حتى متى ستظل هذه العقلية التي تعتبر وجود أي فئات أخرى غير الحزب الحاكم والمهيمن الوحيد على الحياة السياسية في مصر منذ بضع وثلاثين عاماً بل وربما قبلها بكثير

ثالثاً:

كيف تتصورون أن الفئة التي دخلت أمامكم في الإعادة على أربعين مقعداً ـ في الجولة الأولى فقط ـ هي فئة منحلة وليس عندها برامج غير المساجد؟! وكيف انتخبها الناس ولمكاذا انتخبوها إذاً وهل مرشحي الوطني يفهمون أكثر من الغالبية الساحقة من الشعب التي انتخبت هؤلاء ووضعت ثقتها فيهم

رابعاً:

زعم الأستاذ مصطفى السلاب أنه يرى في السنة الأخيرة رغبة أكيدة في الصلاح ـ وليس الإصلاح فقط ـ في الحزب الوطني وسياسته مما يعني غياب الصلاح والإصلاح طوال المدة الماضية ثم أي إصلاح تريدون ومازلتم تنفرون الناس من الإسلاميين بحجة المساجد وإعادة النساء للبيوت؟! وأنه لا صلاح ولا إصلاح طالما استمر مسلسل صد الناس عن المقوم الرئيسي لثقافة الأمة وهو الدين والمساجد, كما لم أنسى أن أذكر السيدة ثريا لبنة أن المرشح عن الإخوان في نفس الدائرة ضد مصطفى السلاب هي سيدة فاضلة وهي الدكتورة مكارم الديري فلا داعي للمزايدة على قضية المرأة بهذا الشكل المعيب

خامساً وأخيراً:

ما هي الضمانات أن دعاية هذه الدورة ليست كلاماً معسولاً يذوب كما يذوب الملح في الماء كما ذابت كل وعود الإصلاح والتنمية والبطالة وغيرها السابقة؟! هذا وقد صفق السادة الزملاء عدة مرات أثناء إلقائي للأسئلة تعبيراً عن تضامنهم بالإضافة إلى شكر الكثيرين منهم لي بعدها كما علق أغلبية الحضور على سؤال ألقاه الأستاذ هادي فهمي في الرد حول ما إذا كانت الأوضاع الآن أفضل منها منذ خمس سنوات أم لا فصاح أغلبية الحضور مؤكدين انها من سيء إلى أسوأ

 وأخيراً :

لكم الله يا مرشحي الإخوان ويا كل الأحرار في بلادنا من ديموقراطية عوراء لا ترى إلا بعين واحدة


التعليقات