ذكرى وفاة شيخنا العلامة رفاعى سرور

يرجى ملاحظة أن هذه المقالة من المقالات القديمة التي لا يتطابق تاريخ نشرها على الموقع مع تاريخ نشرها الفعلي

ماتت سرج الليالي .. مات الدفء الساري

مات الذين علمونا الحزن على تقصيرنا والصبر على إخواننا
توقفت نسائم العلم والإيمان عن الهبوب من قبل ديارهم
وإنني لا أبكي أرضاً لن أطأها ولا دياراً لن ارتحل إليها بعد
ولكنني أبكي الحق الذي قل ناصروه .. والعلم الذي ارتفع حاملوه
أبكي عيوناً طالما حملت هم الدين .. وقلوباً طالما نبضت بحب المؤمنين
أبكي هماً لم يقارفقهم حتى فارقوه ..
وديناً هو حملهم قبل أن يحملوه ..
ثم وفاهم الدين أضعافاً ..
حب المؤمنين وتعلق قلوب العارفين وشوق الصالحين ودعوات المقربين
أبكي رجالاً على درب الرسول والألى العدول ..
أبكي الوحي الذي احتملوه والفهم الذي تضلعوه ..
أحوالهم كانت رقيقة .. وقلوبهم كانت رقيقة
وإني كنت أعد الوحي يجري في عروقهم مجرى الدم
حتى خالط اللحم والعظم .. لله درهم من رجال .. انقطع بعدهم المثال
وإن أهل السنة من بعدهم لفي ضيعة إلا من رجال أخذوا الأمر عنهم في آخر المجال ..
فما فرطوا فيه وما ضيعوه إن شاء الله
فنحن لسنا اهل اللطميات على من مات .. وإنما أهل العمل والقيام بالمهمات ..
ماتوا وقد أشرقت شمس الحرية .. وهبت رياح التغيير هازمة عتية
وهم كانوا أهلها وصناعها وأبطالها الذين عملوا في الظل طوال عمرهم
” فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ  ” 
الآن فقط عدت من عندي حبيبي الشيخ العلامة  “رفاعي سرور ” 
والذي كنت اعد له في المجلس القصير عشرات بل مئات الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد رزق فهماً فذاً لا نظير له فيمن رأيت وسمعت ..
يعلمنا ويؤدبنا وينصحنا ويستمع إلينا ويعفو عن زلاتنا ..
خفيف الظل رقيق المعشر طيب الكلام ..
لا تستخفه كلمة مدح ولا تسوءه كلمة ذم ..
ولا يطلب التعظيم والتقديس والتقبيل والتبجيل ..
ولا متكلفاً ملبساً ولا مطعماً ولا كلاماً ولا تواضعاً ولا شيئاً ..
ولا طالباً مكسباً ولا فيئاً ..
محتسباً عند الله وقته كله وجهده كله وعمره كله ..
كان دائماً ما يقول لنا قبل الثورة حافظوا على إخوانكم فهم كالكنوز تدفن تحت الأرض حتى لا تضيع ..
وكان آخر ما قال لنا حين زرناه من أسابيع: أنه يخشى أن يحرم استكمال
تفسير القرآن بعلم المناسبة الذي كان قد شرع فيه قبل سنوات ..
لأنه انشغل عنه بالأحداث بعد الثورة وبتجميع الناس لنصرة الشريعة
ولنصرة الشيخ  “حازم أبو إسماعيل  “..
وكان أول من دعا لمبايعته ولي أمر للمسلمين ـ لا انتخابه فقط ـ
وكان آخر ما قلت له في آخر لقاء به منذ أيام: حدثنا يا شيخ رفاعي فإنا لا ندري أتفارقنا أم نفارقك ..
ولكنني عدت هذه المرة غير كل مرة .. عدت بعد أن رأيته لآخر مرة ..
لكنه مازال قابعاً هناك في قلبي وبين حنايا نفسي ..
حتى ألقى الأحبة محمداً وصحبه ..
وإني لأرجو الله أن ألقاهم على خير ..
والله يغفر لي ذنبي وتقصيري ..
رحمك الله يا شيخ رفاعي ..
وعلى مثلك تبكي والله البواكي يا سيد العلماء العاملين ..

ولله الأمر من قبل ومن بعد وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وصحابته الطيبين ومن اتبعهم إلى يوم الدين ..


التعليقات