موقفنا من النقد السلفي لأخطاء سيد قطب

موقفنا من النقد السلفي لأخطاء سيد قطب يتلخص في نقطتين هامتين يجب أن ننتبه لهما جيدا:

الأولى:

أن أخطاء سيد قطب لا تمس جوهر وجود الحركة الإسلامية.. في الوقت الذي يغذي فيه إنتاجه الفكري أصل هذا الوجود.
لسنا حركة إثبات الصفات حتى يكون تأويل صفة الاستواء على العرش جريمة تهدد وجودنا، بل نحن كيان منبثق من حالة الصراع الحضاري مع الغرب، الصراع بالنسبة لنا كإسلاميين ليس قرارا اتخذناه بل خاصية جوهرية لوجودنا. فعل إحياء التراث نفسه هو عمل من أعمال الحرب على المستوى الحضاري، ويناظر حالة الاستنفار القصوى بالنسبة للجيوش.
الأستاذ سيد قطب هو المفكر الأكثر استشعارا لروح الحركة الإسلامية حين تحدث عن (انتهاء دور الرجل الأبيض)، الرجل هو من فهم مغزى وجودنا في حركة التاريخ، والتقط معنى ظهورنا في هذا الوقت.. هذه هي قيمة سيد قطب.. إنه مطابق، في كتاباته الحادة، لطبيعة البعثة المحمدية عموما، وجوهر الحركة الإسلامية على وجه التحديد.

الثانية:

أن انتقادات السلفيين لسيد قطب هي في ذاتها صواب، لكنها مع ذلك أعراض مرضية يجب التصدي لها.
انتقادات السلفيين لسيد قطب في مسائل الأسماء والصفات هي صواب في ذاتها، لكن هذا الاهتمام السلفي بالأسماء والصفات هو ذاته موضوع تساؤل بالنسبة لنا، هذا الاهتمام يعكس حالة من حالات الهروب من المجتمع والعيش في مجتمع كانت مسألة الأسماء والصفات محورية وذات دلالات خطيرة بالنسبة له، وليست قضايا الأسماء والصفات فقط هي من تم تضخيمها عند السلفيين كعرض من أعراض المعايشة الوهمية لمجتمع مغاير، بل شأنها شأن قضية الشيعة وقضية عدم المساس بمعاوية رضي الله عنه وبني أمية (العسكر حاليا)، وقضية علم الحديث. كلها قضايا أخذت حجمها الضخم الطبيعي في سياقها التاريخي، واستغراق الدعوة السلفية لها هو استغراق مرضي وحالة هروبية سباتية وليست يقظة علمية.

لقد أخطأ سيد قطب في قضايا الأسماء والصفات وهو يقظ.. وأصاب السلفيون في نقدهم له وهم نيام.. وقد يصيب النائم في أحلامه أحيانا.
نقد سيد قطب في السياق السلفي ليس حدثا عابرا، ليست وجهة نظر رجل في رجل، بل هو الجزء الظاهر من جبل الثلج، أي ميل الدعوة السلفية إلى الحكم الاستبدادي وإلى التضاد والمعاداة لكل حراك رمز ثوري أو طموح نحو الوجود الحضاري..

نقد السلفيين لسيد قطب ليس نقدا علميا مجردا عن الهوى، بل هو سلاح ذو حدين، فهو يتيح لهم العيش في عالم بني أمية من خلال قضيتين في وقت واحد، العيش في قضايا الأسماء والصفات، والعيش في حالة عدم المساس بالسلطة.


التعليقات