نحن وهم أمة محمد فمن يرحمها؟!

مساواة فرق هذه الأمة المختلفة بالكافرين من أعدائها في العداوة والغلظة عليهم بما أبعدهم عن أمتهم؛ هو من أخطر الدركات التي جر الأمةَ إليها مكرُ أعدائها أو جهالةُ أبنائها. فالرافضة شر من اليهود والنصارى، والصوفية هم بيدق بيد أعداء الأمة، وأدوات الاستعمار فيها، وهم بوابة التشيع كذلك، ومطية كل حاكم!!

وخلاصة هذه الأطروحات السخيفة هي تقريب هذه الفرق من أعداء الأمة بالفعل، تلك الأمة التي ستبدو في أعينهم وكأنهم لم ينالوا منها إلا العسف والاضطهاد والتخوين.

هكذا بدون تفريق بين درجاتهم وفرقهم المختلفة والمتفاوتة؛ هي أطروحات كاذبة خاطئة تخالف الأصل الشرعي الوارد في الوحي، وما ذاك إلا لتقديم آراء الرجال على الوحي المعصوم من قبل أصحاب تلك الأطروحات السقيمة، والتي هي مجرد مبالغات نفسية اِنْبَتَتَ عن أصل القرآن والسنة وهي وليدة صراعات بيئية معينة.

ليس هذا فحسب وإنما كان مقصود الشرع في هجر المبتدعة والغلظة عليهم هو مظنة إصلاحهم وتنبيههم لخطورة ما هم عليه من مخالفة للشرع، وربما قتالهم إن اقتضى الأمر لإعادتهم للطريقة السَنية وقويم الاتباع، مع ضمان أموالهم وعدم سبي نسائهم وعيالهم ولا الإجهاز على جريحهم.. فكيف نقربهم لأصل الوحي بمخالفة أصله؟!

وإني لأزعم أن في تكفير الفرق النارية المبتدعة لَبِدْعَة أصلاً؛ اللهم إلا من ساقتها بدعتها لناقض من نواقض الإسلام أو ماهو إشراك بالله أو قدح في الرسول أو تحريف للقرآن، وأعني هنا الكفر الذي هو كفر في كتاب الله أو سنة رسوله بلا تأويل أو اجتهاد من أحد، وذلك كالفرق التي ادعت إلها أو نبيا أو كتابا غير الله عز وجل والرسول والقرآن، من أمثال البهائية والبابية والنصيرية والإسماعيلية وغيرها؛ ولذلك كُفِرَتْ بالإجماع بين الفرق الإسلامية وليس عند أهل السنة فحسب!!

وخلاصة هذه الأطروحات السخيفة هي تقريب هذه الفرق من أعداء الأمة بالفعل، تلك الأمة التي ستبدو في أعينهم وكأنهم لم ينالوا منها إلا العسف والاضطهاد والتخوين.

إنه لمن الواجب أن تسبق الرحمةُ الغلظةَ في قلوبنا على هذه الأمة، وأول ذلك هو إنصاف هذه الفرق، والتفريق بين الحق في كلامهم والباطل والخير والشر والصواب والخطأ، ينبغي أن يكون إعذارهم في قلوبنا أولى من تكفيرهم وإخراجهم من الملة، ينبغي أن نرفض الأطروحة الغالية المعاصرة التي خرجت من نجد والتي كفرت الشيعة والصوفية وربما الأشاعرة والإباضية هكذا جملة لا نقاش فيها، ينبغي أن نلزم أصول السنة بالتفريق بين الفعل والفاعل، وإلا فعلام نلوم فئة كتنظيم الدولة أو غيره إذا كفروا -وبنفس مانحن عليه وما اخترعته نجد من أصول- جماهيرَ عظيمة من المسلمين!!

لست من دعاة ما يسمى بالتقريب مع مبطل، وليس ذلك قبولاً مني ببدعة ولا شرك ولا دعوة إلى غلو في قبر أو ميت أو حي، وليس دعوة للغفلة عن مضاهاة الشريعة أو غبنها، وليس تجاهلاً لمذابح للمسلمين تقوم بها جماهير من هذه الفرق ضدهم في العراق والشام وغيرها؛ ظلما واعتداء وطائفية مقيتة أحياناً، ومكافأة لبعض ما وقع ضدهم أحياناً أخرى!!


التعليقات