تصور سياسي ذو نظام سياسي

في ضرورة صياغة تصور سياسي للحركة الإسلامية، واستكمال ما بدأه شيخنا العلامة رفاعي سرور، وذلك من أجل وضع المنهج التنفيذي بناء على هذا التصور لإمكان إدارة “دولة”..

وقد دار حوار بيني وبين أحد الإخوة حول ضرورة تطبيق نظام حسبوي يحل محل الشرط في النظام الحديث، والجهوزية بقضاة شرعيين قادرين على الحكم والقضاء بين الناس ولو عرفياً في حالة سقوط مؤسسات النظام وكذلك تشكيل قوى مسلحة للحرس الثوري تقوم بدور الجيش.

وفي تقديري أن الأمر لابد له من تأسيس أكثر من حاجته إلى التطبيق والتنفيذ، ولعل هذا ما أفسد تجارب سابقة لإقامة حكم الشريعة من قبل في بعض الدول، مما زهد -ومع التجارب الفاشلة- في إمكانية الانعتاق من صورة الدولة الحديثة.

وفي الحقيقة فإن صورة الدولة القومية الحديثة ليست شيطاناً متجسداً لا ينبغي الاقتراب منه إلا متعوذاً، كما أنها ليست صنماً ينبغي أن يعبد ويمجد بل يمكن الاخذ منه والاقتباس والبناء عليه.

وأرى أن الإشكال الذي قد يكون أحد الاسباب المهمة في إفشال تجربة الحكم بالشريعة في أكثر من دولة؛ إنما جاء في المقام الاول بسبب عدم صياغة “نظام سياسي” يتم من خلاله تطبيق تلك المفردات!!

صورة النظام السياسي تلك تشمل الشق النظري أو التنظيري للنظام، كما تشمل الصياغات الكلية للهياكل والمؤسسات التي تمثل نظام الدولة أو إدارتها الهيكلية بما يحيل عودة الديكتاتورية أو الجبرية أولاً؛ كما يحمي ويمرر بسلاسة إمكانية التطبيق والتنفيذ.

وفي النظام السياسي الإيراني نموذج مهم وهو الذي تمت صياغته من دهاقين السياسة الذين استفادوا من تقدم العلوم السياسية فترة حكم الشاه وكذلك من الدراسة في جامعات بغداد وأوربا وفرنسا منها على وجه الخصوص؛ ثم تطوير النظرية الفقهية السياسية المعروفة “بولاية الفقيه” والتي كفلت الحيوية اللازمة للقيادات الشيعية للقيام بمهمتهم آنذاك في تمكين الدولة، بدلاً من انتظار الإمام الغائب حسب اعتقادهم.

إذن نحن نحتاج إلى تطوير تصورنا الفقهي السياسي بالتبعية والخروج من فقه حكام الجزيرة والانخلاع من عبائتهم البالية الملوثة والتي تروج لأطروحات كالحاكم المتغلب والمتعفن، وكذلك إلى صياغة نظام سياسي نستطيع من خلاله وضع الصياغات التنظيرية لمشروعنا كما يعطينا القدرة على تمكين المؤسسات الحاكمة بمعايير حديثة قادرة على التشبث بالحكم لصالح المشروع لا الفرد وقادرة على حرف دفة هذه الأمة في الاتجاه الصحيح.

هذا أو نستمر في استدعاء الفشل !!


التعليقات