الحركة الإسلامية والعسكر.. متلازمة لا تنفك

لقد درس الغرب الحضارة الإسلامية ورصد مراكز القوة فيها، فصب كل جهده، و جمع كل عسكره و حشد كل طاقته لتحطيم هذه المراكز. ومع إطلالة على العالم الإسلامي فإننا نشاهد أمصار ظلت تمثل مراكز قوة على مر التاريخ.

تركزت مشاريع التغريب وإفساد المجتمعات وتغيير هويتها بشكل مبكر في كل من الشام ومصر عن غيرها من الدول الإسلامية، وكان لمنطقة الهند وآسيا الوسطى عناية خاصة من جهة الاستعمار

فمثلت الشام و مصر مركز قوة في قلب العالم الإسلامي وكانت لها مكانة ريادية في الأمة سواء في الجانب الفكري أو السياسي، فانتصبت فيها منابر للعلم و العلماء، و قامت عواصم حكمت العالم (دمشق – بغداد – القاهرة).

وعلى الجانب الشرقي من العالم الإسلامي برزت حواضر إسلامية ومنارات للعلم و الحضارة في آسيا الوسطى، فكانت سمرقند و نيسابور وبلخ وغزنة و غيرها. وظهرت ممالك إسلامية قوية انبثقت من هذه البقعة من الأرض (السلاجقة -الغزنويون).

هذه الحقيقة تفسر لنا سر اهتمام الغرب بهذه الأقطار، فقد تركزت مشاريع التغريب وإفساد المجتمعات وتغيير هويتها بشكل مبكر في كل من الشام ومصر عن غيرها من الدول الإسلامية، وكان لمنطقة الهند وآسيا الوسطى عناية خاصة من جهة الاستعمار، فجناحا الأمة التي تنهض بهما هي وسط آسيا من جهة ومصر والشام من جهة أخرى.

ولأن الحاضر امتداد للتاريخ كان الوجود الأقوى للحركة الإسلامية في العصر الحديث هو في مصر وباكستان. و لذا لم يكن مستغرباً اعتناء الغرب و اهتمامه بهذين البلدين.

ومع إيضاح هذه الحقيقة نستطيع أن ندرك سر وجود هذه السطوة العسكرية في هذين البلدين. فمصر و باكستان تمثلان ظاهرة الجيش الذي له دولة أو ما يسمونها بإمبراطورية العسكر، و معنى ذلك أن هذه الحالة لم توجد في هذين البلدين بمحض الصدفة، بل إنهما صُنعتا صناعة للتصدي للوجود الإسلامي القوي فيهما. فكل وجود إسلامي قوى في أي قطر لابد أن يقابله إمبراطورية للعسكر.

نفس الوضع نجده في الجزائر، دولة يمتلكها العسكر أو بتعبير أصح (عسكر له دولة)، هذا لأن الحركة الإسلامية فيها قوية وتاريخ الجهاد والاستشهاد أمام المستعمر في هذا البلد عظيم، فكان من الطبيعي أن يكون للعسكر وجود ليُشكلوا حائط الصد الأول الذي يحمي الغرب من القوى الإسلامية.


التعليقات