محنة العصر في مذابح مصر

أعجب من بعض المنظرين والقادة الإسلاميين الذين يؤمنون بأنه ينبغي أن يتراجعوا للخطوط الخلفية فلا يكونون في واجهة الصراع ولا الثورة أبدا لأن ذلك سبب في إجهاض الثورات واستئصال الإسلاميين!!

والعجيب أن ذلك صار عندهم يشبه العقيدة الراسخة، بل ويعدون من يقول غير ذلك خبلا يخبط خبط عشواء.. وليس العجب في هذا الطرح الذي يوافق فقه الهزيمة وأدبيات الانكسار ونفسية الاستضعاف المذل والفكر المخل؛ وإنما العحب تحديدا من أمرين:

الأول أن هؤلاء المنكسرون المرتخون ارتخاء مشينا يكررون بحرفيته نفس الفكر المشين والخيارات الفاسدة التي أودت بالثورة وبالإسلاميين والبلد كلها في قرار سحيق .. نفس الأكاذيب ونفس الهراء الفكري دون تغيير!!

فأثناء ثورة يناير اتفقوا مع العلمانيين على تغييب الصبغة الإسلامية للثورة لكي لا تستهدف ويتم استئصالها مع مشاركة غالبية الإسلاميبن العظمى كوقود فيها اللهم إلا عملاء النظام من سلفية أولياء الأمور والسلفية السعود-أمريكية فقط!!

حتى ان الإخوان تعهدوا مبكرا ودون طلب من أحد أو سبب واضح ألا يغالبوا في سياسة البلد وألا يشاركوا إلا بالثلث والثلث كثير في أي عملية سياسية ما بعد الثورة، ولا أدري لم هذا التطوع؟! ولا ما المبرر لهذا التبرع ؟!

وكان هذا سببا في ضياع الثورة لغياب هويتها وقيادتها.. وهم أنفسهم الذين قالوا أن المرحلة هي مرحلة الإخوان ولابد أن ننساق لهم إنسياق القعيد على عجلة نقل المرضى؛ فاتضح أن من يدفع كرسي الأشل أعمى؛ وكانوا كأعمى يسوق أشلا فسقطا جميعا في الهاوية..ثم هم اليوم هم من يروجون لنفس الفكرة وذات الفرية!!

وكانوا هم من يؤيدون نفس قناعة إخواننا قادة جماعة الإخوان المسلمين في عدم تصدير مرشح للرئاسة حتى نفسوا فيها حازم أبو إسماعيل منافسة التيوس في البرية، وأغراهم بها في لقاء م.الشاطر مع جون ماكين من أغرى صدام بضرب الكويت (فلما تراءى الجمعان نكص على عقبيه وقال إني بريء منك)..

والأعجب هم أولئك الذين يدعون إلى عدم النقد الآن ولا المراجعة إذ نحن في محنة فيتأبون على تشخيص المرض وهم يبغون العلاج حال المرض المهلك، وربما كانوا هم بعض اسبابه وليسوا فقط أعراضه..

ولكن عجب العجاب هم أولئك الذين يهللون للشيء وضده فاحتفوا بكل الخيارات القديمة كما صفقوا لتغييرها ثم عادوا فتنعموا بقديمها وسقيمها!!

ثم هم يعتذرون للفشل بأن اي وافد كان سيفشل وبأن هذا كان سيحدث من الدولة العميقة التي وثقوا فيها جميعا وارتموا في حاضنتها الدافئة، دفء دمائنا التي سالت في ‫#‏محنة_العصر‬ في ‫#‏مذابح_مصر‬ ..

قلت كل هذا لا لاجترار تجربة أليمة ولا لانتقاد أحد ولا لنقد مجرد حتى لو كان صحيحا، ولا بسبب المحن الجسيمة المرشحة للدور والحور بعد الكور مرارا وتكرارا والتي يمكنها أن تفهمك محنة 54 و 65 و 2013 وما بعدها وما قبلها وما بينها وما هو مرشح لها.. وإنما قلته للتأكيد على أهمية وخطورة النقلة التي نقلتنا إليها أقدار الله البالغة -حتى لو بأخطائنا تلك- وأهمية صمود د.محمد مرسي؛ وقد قلت هذا في أحد اجتماعاتنا بتحالف دعم الشرعية واستنكره البعض!!

فلقد صرنا اليوم بحيث ننازع ونصارع على أحقيتنا في الحكم والسيادة بناء على هويتنا وشريعتنا، وأن محمد مرسي كان حجر البدء النظيف وإن كان معذورا عندي في عدم إقامة الدين وسياسة الدنيا به، فكيف بالله عليكم تضيعون هذا المكسب التاريخي الذي شيدته سواعد الشهداء بلبنات التضحيات ولحمة الدماء..

وليفق أولئك الغافلون الذين مازالوا يصارعون حوائط الزنزانة فقط أو على الأكثر قبة البرلمان؛ لا حوائط الجاهلية كلها ولا نظامها الديمقراطي المتعفن بأسره، قضيتنا، هويتنا، شريعتنا، حاكمية ديننا؛ هذه كلها في واجهة الصراع وعنوانه والحركة الإسلامية هي كتلته البشرية وهي رائدة معسكر الثورة وإسقاط الهيمنة الجاهلية وحكم العسكر.


التعليقات