مسلمات في سجون الكنيسة.. القضية الغائبة

أعاد إلى الواجهة إعلان تنظيم الدولة الإسلامية إعدام 21 نصرانيا مصريا قضية “المسلمات الأسيرات في سجون الكنيسة المصرية” ، حيث جاء إعلان التنظيم بعنوان “انتقام للمسلمات اللاتي اضطهدهن الأقباط الصليبيون في مصر” ،والذي نشره في العدد السابع من مجلته الرسمية “دابق” الناطقة بالإنجليزية التي تداولها أنصار التنظيم على شبكات التواصل الاجتماعي.

وصرح التنظيم في إعلانه “هذا الشهر أسر جنود الخليفة في ولاية طرابلس 21 قبطيا صليبيا تقريبا بعد خمس سنوات على العملية المباركة ضد كنيسة بغداد التي نفذت انتقاما لكاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وأخوات أخريات تم تعذيبهن وقتلهن على يد الكنيسة القبطية في مصر”.

وأعاد هذا الحادث إلى الواجهة قضية وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وأمثالهما ممن اهتدوا من النصرانية إلى الإسلام في مصر، وعاد الاسمان للتداول بعدما اشترط تنظيم الدولة في ليبيا الإفراج عنهما من أجل إطلاق سراح 21 نصرانيا قبل أن يقتلهم الأحد الماضي بالفعل.

وقد شهد العقد الأخير من حكم المخلوع حسني مبارك بروز القضية بعدما أبرزت المواقع الإسلامية كموقع (حكاية كاميليا وكاميليا شحاتة والمرصد الإسلامي لمقاومة التنصير) حيث كشفت حقيقة اهتداء الأختين للإسلام، ثم كشفت خضوع السلطة السياسية المتمثلة في حكومة مبارك آنذاك وخضوعها لرغبة الكنيسة حيث سلمتها الأختين اللتين اختفتا بعد ذلك ولم يعرف مصيرهما.

وفاء قسطنطين

مهندسة زراعية من مواليد 1956، وزوجة الكاهن مجدي يوسف راعي كنيسة أبو المطامير في محافظة البحيرة، في عام 2004 أصبحت المهندسة الزراعية وفاء قسطنطين حديث الشارع المصري بعد أن تواترت الأحاديث عن اعتناقها الإسلام.

عقب تطاير أخبار اعتناق زوجة الكاهن الإسلام كشرت الكنيسة المصرية عن أنيابها، وخرج الأقباط في تظاهرات للتنديد باختفائها، كما اتهمت الشرطة “بالتواطؤ ضد الأقباط”، بدعوى أن الضباط في مركز شرطة أبو المطامير يدعون أن المسيحيات يشهرن إسلامهن بمحض إرادتهن “على غير الواقع”!.

ومع احتدام قضيتها سارع الرئيس المخلوع مبارك لتسليم وفاء للكنيسة التي أودعتها بيتا للراهبات بمنطقة “النعام” لأيام قبل أن تنقلها إلى دير الأنبا بيشوي، حيث التقاها “شنودة” -بابا الإسكندرية- وأمر بعدم عودتها إلى بلدتها مرة أخرى.

ومن ذلك الحين توارت وفاء قسطنطين تماما عن الأنظار، وانتشرت روايات تقول إنها قتلت من قبل الكنيسة، وهو ما ردت عليه الكنيسة بأن “البابا شنودة” رفض ظهورها بشكل نهائي حتى لا تتسبب في مشاكل للكنيسة.

وردا على ما حدث بحق وفاء قسطنطين اقتحم تنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين” إحدى كنائس العاصمة العراقية بغداد وقتل أكثر من خمسين شخصا، وتوعد بهجمات أخرى ما لم يتم إطلاق سراحها.

كاميليا شحاتة

في 22 يوليو 1985 ولدت كاميليا شحاتة زاخر بمركز دير مواس في محافظة المنيا بصعيد مصر، وحصلت على بكالوريوس العلوم والتربية في التاريخ الطبيعي من جامعة المنيا عام 2006، وعملت معلمة بمدرسة دلجا الإعدادية، وهي زوجة كاهن ديرمواس القس تادرس سمعان.

في مطلع مايو 2010 قدم زوجها بلاغا يفيد باختفائها، أعقبته تظاهرات -في مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية- احتجاجا على اختفائها، وللمطالبة بكشف ملابسات غيابها في ظل تواتر أنباء عن ظهورها في مقر الجمعية الشرعية بالمنيا، في إشارة لاعتناقها الإسلام.

وبينما كان أقباط يطالبون بكشف مصير السيدة المختفية ظهر الشيخ “أبو يحيى مفتاح” ليكشف إن كاميليا طلبت مساعدته على إشهار إسلامها، وقام بنشر صورة لها وهي تستكمل إجراءات الإشهار بالأزهر، مؤكدا اعتقال أجهزة الأمن لها لإعادتها إلى الكنيسة.

في الوقت نفسه، تم إطلاق مواقع إسلامية تتبنى القضية كموقع (حكاية كاميليا) وموقع (كاميليا شحاتة) ، ونشرت هذه المواقع مستندات وصورا شخصية قالت إن كاميليا تركتها مع الأسرة التي استضافتها في بيتها حين أشهرت إسلامها، كما أكدت فضائيات إسلامية ذلك في عدد من البرامج.

انتفاضة الشباب المسلم

نظم أعضاء الجبهة السفية -قبل الإعلان عنها رسميا بعدة شهور قليلة- وعدد من القوى الشبابية السلفية 17 تظاهرة قبل ثورة يناير، ضد “بابا الأقباط آنذاك شنودة الثالث”، للمطالبة بالكشف عن مكان كاميليا، كما خرجت وقفات احتجاجية أمام مسجد الفتح في ميدان رمسيس وسط القاهرة، ومسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية للمطالبة بعزل “شنودة” وللتنديد بتواطؤ الدولة في أسر الكنيسة للأخوات الذين اهتدوا للإسلام داخل الأديرة والكنائس، وعلى رأسهم كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين.

كما نظمت الجبهة السلفية والقوى الشبابية عدد من التظاهرات بعد سقوط المخلوع مبارك ، كان من أبرزها التظاهرة الحاشدة أمام مسجد النور بمنطقة العباسية والتي توجهت إلى الكاتدرائية المرقصية “مقر بابا الأقباط” ، ونددت بسكوت الدولة عن هذه القضية.

وتعد هذه الفترة ما بين مايو 2010 و يناير 2011 من مقدمات ثورة 25 يناير،حيث استطاعت القوى السلفية وكان منها أعضاء الجبهة السلفية آنذاك من كسر حالة الترهل في الوسط السلفي وإحداث حالة ثورية ضد نظام حكم المخلوع وضد انتهاكات الكنيسة المسكوت عنها.

وحسب خبراء فإن هذا الحراك الذي أحدثته “”قضية الأسيرات المسلمات في سجون الكنيسة” والذي اشتعل قبل الثورة بشهور قليلة واستمر الى أول أيام الثورة ؛ كان له دور بارز في التمهيد لثورة يناير ، حيث كانت هذه القوى الشبابية السلفية من أول القوى الفاعلة في أول أيام الثورة .

فتظل قضية “الأسيرات المسلمات في سجون الكنيسة” حاضرة في نفس كل مسلم ، مع كونها مغيبة على الساحة الإعلامية والسياسية، لكنها ستظل مستمرة طالما هناك حقوق لم ترد إلى أصحابها ، ومظالم واقعة لم يحاسب أحد عنها ، وانتهاكات مسكوت عنها .


التعليقات