لهذا يريدونه خريفا عربيا

 لو سئل أي عاقل عن أهم ما أثمره الربيع العربي، فسيجزم أنه زيادة مساحة من الحرية الحقيقية لشعوبنا. وهذه الحرية شكلت خطورة – بالنسبة لأعدائنا – من ثلاثة محاور :

المحور الأول :

الهوية الإسلامية، بما تعنيه من سيادة للشريعة. وقد ظهر هذا بحجم التأييد الشعبي الذي ناله الإسلاميون في كل بلاد الربيع العربي. حتى في البلاد التي كان حظها من موجات التغريب أكثر [ تونس مثال لذلك ].

المحور الثاني :

 لذا كان كسر حلقة “ثورة مصر” بوابة كسر حلقات الربيع الأخرى، ولنفس الاعتبارات ستكون استعادة الربيع في مصر (بكسر الانقلاب) إحياء ودعما له في باقي الحلقات، بل ستكون كسرا لحلقات الاستبداد والتبعية في بقية أمتنا .. وإن غدا لناظره قريب.

التحرر من التبعية، بما يعنيه من حرص على مقومات الاستقلال، بدءا بالمجال الثقافي والتعليمي ومرورا بالاقتصادي وانتهاء بالسياسي. وبما يعنيه من تجاوز لرموز التبعية في الداخل، وتحجيم لدورهم في ربط بلادنا بالخارج.

المحور الثالث :

عداوة دولة الصهاينة، كتعبير صادق وأصيل عن الشرع والواقع جميعا، فنحن أمة واحدة، ولا مجال للتعايش مع من يحتل مقدساتنا ويظلم إخواننا. ولا مجال لاستبدال العدو الحقيقي بأي عدو آخر وهمي، أو دونه في الخطورة، داخليا كان أو خارجيا.

ومن المفهوم بالبداهة وبحسب معطيات الواقع أن تحقيق هذه المحاور مما لا يتم في أيام قليلة، لكن أعداءنا كانوا أكثر تمييزا من بعض البسطاء – الذين لم يفهموا ذلك – من شعوبنا، فرفضوا البدايات بناء على رفض النهايات. ولهذا أداروا الثورة المضادة، ليحرموا بلادنا من الحرية الحقيقية، وليغيروا محاور الخطورة كما يلي :

المحور الأول :

إقصاء الإسلاميين عن رأس السلطة بكل وسيلة ممكنة .. فتم ذلك بانقلاب عسكري في مصر، وبانقلاب سياسي (في ظل التهديد العسكري) في تونس، وباتفاق مصالحة لأجل المعيشة (برعاية انقلاب مصر) في غزة، وبمحاولات انقلاب (عسكري/علماني/قَبَلي) في ليبيا .. فضلا عن إحراق سوريا، وتغيير موازين القوة في اليمن.

المحور الثاني :

تكريس إدارة الخارج للمشهد، والتي يكفي فيها اعتراف قائد انقلاب مصر بالتواصل اليومي مع القيادة العسكرية الأمريكية، من قبل الانقلاب وبعده. ويكفي فيها عربدة الطائرات والقوات الأمريكية على أرض اليمن. ويكفي فيها الدور الفج الذي تقوم به دول ظاهرة التبعية للخارج ضد كل ثورات الربيع العربي.

المحور الثالث :

تغيير العدو ليصبح هو الإرهاب .. والذي يساوي – عند أعدائنا الحقيقيين – الإسلاميين الذين يعادون الصهاينة، ويريدون توحيد الأمة تحت راية الخلافة، وتحت حكم الشريعة. إذ لا فرق بين خطابات سيسي مصر وحفتر ليبيا في هذا الموضوع، بل ولا بين خطابات الداعمين لكل منهما. كذلك لا فرق بين مؤامرات إعادة تشكيل وتغيير قوى الواقع لنفس الهدف في أرض سوريا أو أرض اليمن. وليست تونس من ذلك ببعيد.

إن دول الربيع العربي قد صارت كحلقات سلسلة، يؤثر بعضها على بعض (سلبا/وإيجابا) مع تفاوت يتناسب مع شيئين :

الأول : الثقل (النوعي/الكمي) لكل دولة في محيطها.

الثاني : القوة (الإسلامية/الشعبية) لكل دولة في ذاتها.

لذا كان كسر حلقة “ثورة مصر” بوابة كسر حلقات الربيع الأخرى، ولنفس الاعتبارات ستكون استعادة الربيع في مصر (بكسر الانقلاب) إحياء ودعما له في باقي الحلقات، بل ستكون كسرا لحلقات الاستبداد والتبعية في بقية أمتنا .. وإن غدا لناظره قريب.


التعليقات