المسارات الثلاثة للحركة الإسلامية

المسارات الثلاثة للحركة الإسلامية .. ظاهرها التعارض و حقيقتها التعاضد

كان للحركة الإسلامية في السنوات الأخيرة ثلاث مسارات رئيسة.. هذه المسارات الثلاث كان ظاهرها التعارض و التضاد.

المسار الأول:

جماعة الإخوان المسلمين.. اعتنى هذا التوجه بإحداث تغيير مجتمعي و التغلغل في كل الطبقات الاجتماعية و المهنية.. حتى استطاع تكوين رابطة مجتمعية مغلقة (جماعة) تتسم بالوفرة العددية, و التنظيم في الحركة, و المتانة في الترابط, و الجندية و الانضباط في العمل, و الفاعلية على الأرض, و التغلغل في طبقات المجتمع بكافة مناطقه و طبقاته و مختلف أجهزة الدولة بنسب متفاوتة.. فكان لدينا تنظيم يكافئ تنظيم الدولة العميقة و جيش شعبي و حمل عبء المدافعة السياسية للنظام الجاهلي.

المسار الثاني:

التيار الجهادي.. اعتنى هذا المسار بإحياء روح الجهاد في الأمة في نطاق الفكر و الممارسة.. و حافظ على بقاء هذه الشعيرة حاضرة في واقع الأمة و وجدانها.. و قدم الرؤية العامة لصورة الصراع و الرسالة التغيرية لهذا الدين.. و نجح هذا المسار في التصدي لهجمات و غزوات الجاهلية العالمية على ديار الإسلام.. بل اضطر الجاهلية إلى رفع يدها قليلا عن بقية المسارات الإسلامية باعتبارها أخف الضررا لما سببه لها المسار الجهادي من ضغط.

المسار الثالث:

و هو مسار إسلام الفضائيات.. ليس خفيا أن نشأ هذا المسار لضرب المسارين السابقين و كبوتقة لاحتواء روح التدين بعيدا عن المسارات التغييرية السابقة و تدجين الحراك الاسلامي.. تسببت هذه الظاهرة في إنشاء قاعدة شعبية كبيرة محبة للدين عندها قدر من المحافظة.. مع تشوهات فكرية و ضعف في الفاعلية لم تسلم منها.

فلما قامت الثورات و ما تلاها من أحداث امتزجت كل هذه الجهود و قوى بعضها بعضا على نمط أشعة الليزر.. فالجهاد العالمي ساعد على اندلاع الثورات الشعبية.. و جمهور الفضائيات الإسلامية (الذي أنشئ على عين الجاهلية كطريقة لحمايتها ) هو من أعطى الإسلاميين أصواتهم في الانتخابات و يمثل اليوم قطاع كبير من الطبقة الرافضة للانقلاب و فئة الشباب منه شكلت الزخم العددي لتيار الإسلاميين الثوريين الذي حركته رمز كحازم أو كيان كالجبهة السلفية .. و هو يشكل اليوم كتلة أساسية في الحراك المناهض للانقلاب.. و التيار الجهادي استفاد من وصول الاخوان للحكم ثم امتزج معهم في رابعة و غيرها بعد الانقلاب.

فسبحان الخبير المدبر لما يشاء.. فما كان في ظاهره التعارض أصبح متجانسا بشكل عجيب.


التعليقات